روي : أن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ استنشد (ب) (١) قصيدتها هذه ، فلما وصل (الراوي) (٢) (إلى) (٣) هذا البيت قال : قاتلها الله ما رضيت تشبيهه (٤) بالجبل حتّى جعلت في رأسه نارا (٥).
وقال مجاهد : الأعلام القصور ، واحدها علم. وقال الخليل بن أحمد : كل شيء مرتفع عند العرب فهو علم وسمع : هذه الجوار ، وركبت الجوار ، وفي الجوار ، بالإعراب على الراء تناسيا للمحذوف (٦) ، وتقدم هذا في قوله تعالى : (وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَواشٍ) [الأعراف : ٤١].
فصل
اعلم أن المقصود من ذكر هذه الآية أمران :
أحدهما : أن يستدل به على وجود الإله القادر الحكيم.
الثاني : أن يعرف ما فيه من النّعم العظيمة لله تعالى على العباد ، وأما وجه الأول فإن هذه السفن العظيمة التي كالجبال تجري على وجه البحر عند هبوب الرياح على أسرع الوجوه وعند سكون الرياح (تقف) (٧) وقد تقدم في سورة النحل أن محرّك الرياح ومسكّنها هو الله (سبحانه و) (٨) تعالى ؛ إذ لا يقدر أحد من البشر على تحريكها ولا على تسكينها ، وذلك يدل على وجود الإله القادر مع أن تلك السفينة في غاية الثقل ومع ثقلها بقيت على وجه الماء أيضا. وأما دلالتها على النعم العظيمة ، وهو ما فيها من المنافع فإنه تعالى خص كل جانب من الأرض بنوع من الأمتعة ، فإذا نقل متاع هذا الجانب إلى الجانب الآخر في السفن وبالعكس حصلت المنافع العظيمة بالتجارة ، فلهذه الأسباب ذكر الله تعالى حال هذه السفن (٩).
قوله : (إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ) التي تجري بها «فيظللن رواكد» قرأ أبو عمرو والجمهور بهمزة : «إن يشأ» لأن السكون علامة الجزم ، وورش عن نافع بلا همز (١٠) وقرأ نافع «يسكن (١١) الرّياح» على الجمع والباقون «الريح» على التوحيد (١٢).
وقوله : «فيظللن» العامة على فتح اللام التي هي عين الكلمة وهو القياس ؛ لأن
__________________
ـ الدر المصون ٤ / ٧٥٧ والجامع للقرطبي ١٦ / ٣٢ ، ولسان العرب علم ٣٠٨٤ و ٣٠٨٥ وديوانها ٤٩.
(١) الباء زيادة من ب.
(٢) زيادة من أ.
(٣) زيادة من ب.
(٤) في ب تشبّهه.
(٥) قاله الألوسيّ في روح المعاني ٢٥ / ٤٢.
(٦) من الياء.
(٧) سقطت من ب.
(٨) كذلك.
(٩) الرازي ٢٧ / ١٧٥.
(١٠) لم أجدها في كتب المتواتر ولا الشواذ وقد نقلها الرازي ٢٧ / ١٧٥.
(١١) في ب بسكون خطأ.
(١٢) وانظر الإتحاف ٣٨٣.