الفواحش فقال السدي : يعني الزنا. وقال مقاتل : ما يوجب الحدّ.
قوله : (وَإِذا ما غَضِبُوا) «إذا» منصوبة بيغفرون ، و «يغفرون» خير لهم والجملة بأسرها عطف على الصلة وهي «يجتنبون» ، والتقدير : والذين يجتنبون وهم يغفرون عطف اسمية على فعلية. ويجوز أن يكون «هم» توكيد للفاعل في قوله : «غضبوا» ، وعلى هذا فيغفرون جواب الشرط (١). وقال أبو البقاء : هم مبتدأ ، ويغفرون الخبر ، والجملة جواب إذا (٢).
قال شهاب الدين : وهذا غير صحيح ، لأنه لو كان جوابا لإذا لاقترن بالفاء ، تقول : إذا جاء زيد فعمرو منطلق ، ولا يجوز : عمرو ينطلق (٣). وقيل : (هم) (٤) مرفوع بفعل مقدر يفسره «يغفرون» بعده ولما حذف الفعل انفصل الضمير (٥). ولم يستبعده أبو حيان ، وقال : ينبغي أن يجوز ذلك في مذهب سيبويه (٦) ، لأنه أجازه في الأداة الجازمة تقول : إن ينطلق زيد ينطلق تقديره: ينطلق زيد ينطلق فينطلق واقع جوابا ومع ذلك فسّر الفعل فكذلك هذا. وأيضا فذلك جائز في فعل الشرط بعدها نحو : إذا السّماء انشقّت فليجز في جوابها أيضا (٧).
فصل (٨)
وإذا ما غضبوا هم يغفرون يحلمون ويكظمون الغيظ ، وخص الغضب بلفظ الغفران ؛ لأن الغضب على طبع النار واستيلاؤه شديد ومقاومته صعبة ، فلهذا خصه الله تعالى بهذا اللفظ (٩).
قوله (تعالى) (١٠) : (وَالَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمْ) أي أجابوه إلى ما دعاهم إليه من طاعته. وقال ابن الخطيب : المراد منه تمام الانقياد.
فإن قيل : أليس أنه لما حصل (١١) الإيمان فيه شرطا فقد دخل في الإيمان إجابة الله؟!
والجواب : أن يحصل هذا على الرضا بقضاء الله من صميم القلب وأن لا يكون في
__________________
(١) انظر البيان ٢ / ٣٥٠.
(٢) انظر التبيان له ١١٣٥.
(٣) في ب : عمرو منطلق .. وفي السمين لينطلق ولعله خطأ من الناسخ وانظر الدر المصون ٤ / ٧٦٢.
(٤) سقط من ب.
(٥) قال بهذا ابن الأنباري في البيان ٢ / ٣٥٠ في الآية الآتية وهي : «هُمْ يَنْتَصِرُونَ» قال : هذا قياس قول سيبويه.
(٦) قال في الكتاب ٣ / ١١٣ و ١١٤ : «واعلم أن قولهم في الشعر : إن زيد يأتك يكن كذا إنما ارتفع على فعل هذا تفسيره كما كان ذلك في قولك : إن زيدا رأيته يكن ذلك ، لأنه لا تبتدأ بعدما الأسماء ثم يبنى عليها.
(٧) وانظر البحر المحيط بالمعنى ٧ / ٥٢٢.
(٨) في ب قوله بدل من فصل.
(٩) الرازي ٢٧ / ١٦٧.
(١٠) سقط من ب.
(١١) الرازي ٢٧ / ١٦٧.