القسم المقدر ، وحذف جواب الشرط للدلالة عليه ، وإن كانت موصولة ، كان قوله : (إِنَّ ذلِكَ) هو الخبر (١). وجوز الحوفي وغيره (٢) أن تكون «من» شرطية و (إِنَّ ذلِكَ) جوابها على حذف الفاء على حدّ حذفها في قوله :
٤٣٨٧ ـ من يفعل الحسنات ... |
|
......... |
وفي الرابط قولان :
أحدهما : هو اسم الإشارة ، إذا أريد به المبتدأ ، ويكون حينئذ على حذف مضاف تقديره: إنّ ذلك لمن ذوي عزم الأمور (٣).
والثاني : أنه ضمير محذوف تقديره لمن عزم الأمور «منه أوله» (٤). وقوله : (وَلَمَنْ صَبَرَ) عطف على قوله : (وَلَمَنِ انْتَصَرَ) والجملة من قوله : (إِنَّمَا السَّبِيلُ) اعتراض(٥).
فصل
المعنى لمن صبر وغفر فلم يقتص (٦) وتجاوز ، إن ذلك الصبر والتجاوز من عزم الأمور حقها وحزمها. قال مقاتل : من الأمور التي أمر الله بها (٧). وقال الزجاج : الصابر يؤتى بصبره الثواب والرغبة في الثواب أتم عزما (٨).
قوله : (وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ وَلِيٍّ مِنْ بَعْدِهِ) أي فليس له ناصر يتولاه من بعد إضلال الله إياه ، وليس له من يمنعه من عذاب الله ، وهذا صريح في جواز أن الإضلال من الله وأن الهداية ليست في مقدور أحد سوى الله.
قال القاضي : المراد : ومن يضلل الله عن الجنة لجنايته فما له من ولي من بعده ينصره. وأجيب بأن تقييد الإضلال بهذه الصور المعينة خلاف الدليل ، وأيضا فالله تعالى ما أضله عن الجنة في قولكم بل هو أضل نفسه عن الجنة.
قوله : (وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ) يوم القيامة (يَقُولُونَ هَلْ إِلى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ) أي يطلبون الرجوع إلى الدنيا لعظم ما شاهدوا من العذاب (٩).
ثم ذكر حالهم عند عرض النار. قوله : «يعرضون» حال ، لأن الرؤية بصرية ، و «خاشعين» حال والضمير في «عليها» يعود على النار لدلالة العذاب عليها.
__________________
(١) البحر المحيط ٧ / ٥٢٣.
(٢) كأبي البقاء العكبري في التبيان ١١٣٥.
(٣) قاله البحر المحيط المرجع السابق.
(٤) قاله الزمخشري في الكشاف ٣ / ٤٧٣ وابن الأنباري في البيان ٢ / ٣٥٠ وانظر معاني الأخفش ٦٨٧.
(٥) قاله السمين ٤ / ٧٦٣.
(٦) في ب ينتصر وكذا في البغوي.
(٧) انظر معالم التنزيل للبغوي ٦ / ١٢٦.
(٨) بالمعنى من معاني القرآن وإعرابه ٤ / ٤٠٢.
(٩) الإمام فخر الدين الرازي في التفسير الكبير ٢٧ / ١٨٣.