ومعالمه. وقال محمد بن إسحاق بن خزيمة : الإيمان هنا الصلاة لقوله تعالى : (وَما كانَ اللهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ) [البقرة : ١٤٣] أي صلاتكم (١). وقيل : هذا على حذف (٢) مضاف أي ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان (٣) حين كنت طفلا في المهد.
وقيل : الإيمان عبارة عن الإقرار بجميع ما كلف الله تعالى به وأنه قبل النبوة ما كان عارفا بجميع تكاليف الله تعالى بل كان عارفا بالله تعالى. وقال بعضهم : صفات الله تعالى على قسمين : منها ما يمكن معرفته بمحض دلائل العقول ومنها (٤) ما لا يمكن معرفته إلا بالدلائل السمعية فهذا القسم الثاني لم يكن معرفته حاصلا قبل النبوة. واعلم أن أهل الأصول على أن الأنبياء ـ عليهم الصّلاة والسّلام ـ كانوا مؤمنين من قبل الوحي ، وكان النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ يعبد الله قبل الوحي على دين إبراهيم ولم يتبين له شرائع دينه (٥).
قوله : «جعلناه» الضمير يعود إما لروحا وإما للكتاب ، وإما لهما ، لأنهما مقصد واحد ، فهو كقوله : (وَاللهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ)(٦) [التوبة : ٦٢].
فصل
قال ابن عباس ـ (رضي الله عنهما) (٧) ـ يعني الإيمان : وقال السدي : يعني القرآن (٨) يهدي به من يشاء «نرشد به من نشاء» من عبادنا و «نهدي» يجوز أن يكون مستأنفا وأن يكون مفعولا مكررا للفعل وأن يكون صفة لنورا (٩).
قوله : (وَإِنَّكَ لَتَهْدِي) قرأ (شهر) بن حوشب : لتهدي مبنيا للمفعول وابن السّميقع : لتهدي بضم التاء وكسر الدال (١٠) من : أهدى والمراد بالصراط المستقيم الإسلام.
قوله : (صِراطِ اللهِ) بدل من : «صراط» قبله بدل كل من كل معرفة من نكرة (١١).
__________________
(١) البغوي المرجع السابق والرازي ٢٧ / ١٩٠.
(٢) هذا هو رأي الرازي.
(٣) كان من الأولى : أي ولا أهل الإيمان يعني من الذي يؤمن ومن الذي لا يؤمن الرازي ٢٧ / ١٩٠.
(٤) الرازي المرجع السابق.
(٥) نقله البغوي والخازن في تفسيريهما معالم التنزيل ولباب التأويل ٦ / ١٢٩.
(٦) أقول : وقد جوّز الأول أبو حيان في البحر ٧ / ٥٢٨ والثاني ابن عطية فيما نقله عنه أبو حيان أيضا ، وحكى الثلاثة أبو زكريا في معاني القرآن ٣ / ٢٧.
(٧) سقط من ب.
(٨) البغوي ٦ / ١٢٩.
(٩) الدر المصون ٤ / ٧٦٩.
(١٠) كلتا القراءتين شاذة الأولى أوردها أبو حيان في البحر ٧ / ٥٢٨ وابن خالويه في المختصر ١٣٤ والسمين في الدر ٤ / ٧٦٨ ، والثانية أوردها أبو حيان والسمين في مرجعيهما السابقين.
(١١) الكشاف ٣ / ٤٧٦.