أن تقول : «إنّ زيدا كاتب لشاعر ؛ لأنه منع أن يكون غير المقترن بها خبرا» (١).
وقرأ حمزة والكسائيّ إم الكتاب ـ بكسر الألف (٢) ـ والباقون بالضم. والضمير في قوله «وإنّه» عائد إلى الكتاب المتقدم ذكره.
فصل
قيل : أم الكتاب هو اللوح المحفوظ (٣). قال قتادة : أم الكتاب أصل الكتاب ، وأمّ كلّ شيء أصله.
قال ابن عباس : ـ (رضي الله عنهما) (٤) ـ : أوّل ما خلق الله القلم أمره أن يكتب بما يريد أن يخلق فالكتاب عنده ثم قرأ : وإنّه في أمّ الكتاب لدينا (٥) ، فالكتاب مثبت عنده في اللوح المحفوظ كما قال : (بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ) [البروج : ٢١ ـ ٢٢].
وقوله : (لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ) قال قتادة : يخبر عن منزلته وشرفه ، أي إن كذّبتم بالقرآن يا أهل مكة فإنه عندنا «لعليّ» رفيع شريف «حكيم» أي محكم في أبواب البلاغة والفصاحة ، أو ذو حكمة بالغة. قيل : المراد بأم الكتاب الآيات المحكمة لقوله تعالى : (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ) [آل عمران : ٧] والمعنى أن سورة حم واقعة في الآيات المحكمة التي هي الأصل والأم.
فإن قيل : ما الحكمة في خلق هذا اللوح المحفوظ مع أنه تعالى علام الغيوب فيستحيل عليه السهو والنسيان؟
فالجواب : أنه تعالى لما أثبت (٦) في ذلك أحكام حوادث المخلوقات ، ثم إن الملائكة إذا شاهدوا أن جميع الحوادث إنما تحدث على موافقة ذلك المكتوب استدلوا بذلك على كمال حكمته وعلمه (٧).
قوله تعالى : (أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً) في نصب «صفحا» خمسة أوجه :
أحدها : أنه مصدر في معنى يضرب (٨) ؛ لأنه يقال : ضرب عن كذا وأضرب عنه بمعنى أعرض عنه وصرف وجهه عنه قال :
__________________
(١) الدر المصون له ٤ / ٧٧١.
(٢) لم أجدها في المتواتر عنهما ، ويبدو أنها شاذة من الأربع فوق العشر. انظر الإتحاف ٣٨٤ والفخر الرازي ٢٧ / ١٩٤ والقرطبي ١٦ / ٦٢.
(٣) القرطبي ١٦ / ٦٢.
(٤) ساقط من ب وانظر رأي قتادة في معاني القرآن وإعرابه للزجاج ٤ / ٤٠٥.
(٥) القرطبي السابق والرازي ٢٧ / ١٩٤.
(٦) كذا ما أثبته من الرازي وفي ب وفي أ«ثبت» بدون همزة التعدية.
(٧) قاله الإمام الرازي في مرجعه السابق.
(٨) في ب نضرب بالنون ، وانظر البيان ٢ / ٣٥٢.