يروى بالكسر والفتح ، وقد تقدم نحو من هذا أول المائدة. وقرأ زيد بن عليّ : إذا ـ بذال عوض النون (١) وفيها معنى العلة ، كقوله : (وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) [آل عمران : ١٣٩].
فصل
قال الفراء (٢) والزجاج (٣) : يقال : ضربت عنه وأضربت عنه. أي تركته ومسكت عنه ، وقوله : «صفحا» أي إعراضا ، والأصل فيه : أنك تولّيت (٤) بصفحة عنقك. والمراد بالذكر عذاب الله. وقيل : أفنردّ عنكم النصائح والمواعظ والأعذار بسبب كونكم مسرفين ، وقيل : أفنردّ عنكم القرآن (٥) ، وهذا الاستفهام على سبيل الإنكار ، والمعنى : أفنترك عنكم الوحي ، ونمسك عن إنزال القرآن ، فلا نأمركم ولا ننهاكم من أجل أنكم أسرفتم في كفركم وتركتم الإيمان؟ وهذا قول قتادة وجماعة ، قال قتادة : والله لو كان هذا القول (٥) رفع حين رده أوائل هذه الأمة لهلكوا ، ولكن الله برحمته كرره عليهم ودعاهم إليه عشرين سنة أو ما شاء الله.
وقيل : معناه أفنضرب عنكم بذكرنا إياكم صافحين معرضين (٦). وقال الكسائي : أفنطوي عنكم الذّكر طيّا ، فلا تدعون ولا توعظون (٧) ، وقال الكلبي : أفنترككم سدى ، لا نأمركم ولا ننهاكم (٨). وقال مجاهد والسدي : أفنعرض عنكم ونترككم فلا نعاقبكم على كفركم(٩).
قوله تعالى : (وَكَمْ أَرْسَلْنا مِنْ نَبِيٍّ فِي الْأَوَّلِينَ (٦) وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ نَبِيٍّ إِلاَّ كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (٧) فَأَهْلَكْنا أَشَدَّ مِنْهُمْ بَطْشاً وَمَضى مَثَلُ الْأَوَّلِينَ (٨) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ (٩) الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً وَجَعَلَ لَكُمْ فِيها سُبُلاً لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (١٠) وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ فَأَنْشَرْنا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً كَذلِكَ تُخْرَجُونَ (١١) وَالَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعامِ ما تَرْكَبُونَ (١٢) لِتَسْتَوُوا عَلى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا
__________________
ـ وانظر الكتاب ٣ / ١٦١ ومعاني الفراء ٣ / ٢٧ ، والخزانة ٩ / ٧٨ ، ٨٦ والهمع ٢ / ١٩ والمغني ٢٦ و ٣٥ و ٣٦ وشرح الشواهد ٨٦ ، والدر المصون ٣ / ٧٧٣ وديوانه ٢ / ٣١١.
(١) البحر المحيط ٨ / ٦.
(٢) انظر معاني القرآن للفراء ٣ / ٢٨.
(٣) معاني القرآن وإعرابه للزجاج ٤ / ٤٠٥.
(٤) في الرازي والنسختين تولية.
(٥) الرازي ٢٧ / ١٩٣ ، ١٩٤ والقرطبي ١٦ / ٦٢.
(٥) الرازي ٢٧ / ١٩٣ ، ١٩٤ والقرطبي ١٦ / ٦٢.
(٦) الكشاف ٣ / ٤٧٨.
(٧) القرطبي ١٦ / ٦٢.
(٨) ونسب الرأي للسدي انظر السابق.
(٩) السابق أيضا.