فصل
السّفر إما أن يكون في البحر ، وإما أن يكون في البرّ ، فأما سفر البحر فعلى السفينة ، وأما سفر البر فعلى الأنعام.
فإن قيل : لم لم يقل على ظهورها؟
فالجواب من وجوه :
الأول : قال أبو عبيدة التذكير لقوله (١) : (ما تَرْكَبُونَ)(٢) والتقدير : ما تركبونه ، فالضمير يعود على لفظ «ما» فلذلك أفرده.
الثاني : قال الفراء : أضاف الظهر إلى واحد فيه معنى الجمع بمنزلة الجنس ، فلذلك ذكّره ، وجمع الظهور باعتبار معناها (٣).
الثالث : أن التأنيث فيها ليس حقيقيا ، فجاز أن يختلف اللفظ فيه ، كما يقال : عندي من النّساء من يوافقك (٤).
قوله : «لتستووا» يجوز أن تكون هذه لام العلة ، وهو الظاهر (٥) وأن تكون للصيرورة فتتعلق في كليهما ب «جعل» (٦). وجوز ابن عطية : أن تكون للأمر (٧) ، وفيه بعد ، لقلة دخولها على أمر المخاطب.
وقرىء شاذا : فلتفرحوا (٨) وفي الحديث : «لتأخذوا مصافّكم» (٩) وقال :
٤٣٩٢ ـ لتقم أنت يا ابن خير قريش |
|
فتقضي حوائج المسلمينا (١٠) |
__________________
(١) في ب بقوله.
(٢) نقله في مجاز القرآن ٢ / ٢٠٢.
(٣) ينظر معاني القرآن له ٣ / ٢٨ و ٢٩.
(٤) قاله الرازي في تفسيره الكبير ٢٧ / ١٩٨ ، ١٩٩.
(٥) وهو رأي أبي حيان المفضل ، البحر ٨ / ٧.
(٦) نقله أبو حيان عن الحوفيّ في المرجع السابق.
(٧) المرجع السابق.
(٨) ذكر ابن خالويه في مختصره (٥٧) أنها عن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وعن الكسائيّ في رواية زكريا بن وردان.
(٩) سيف هذا الحديث.
(١٠) من الخفيف ولم أعرف قائله من خلال ما قلبت من مراجع ، ويروى : فتقضى ـ بالبناء للمفعول ـ كما يروى : فلتقضي ـ بلام الأمر ـ ويكون حينئذ فيه شاهدان فالشاهد : مجيء لام الأمر داخلة على المضارع المبدوء بالتاء وهو في الشعر أكثر منه في النثر. وقوله فلتقضي تكون الياء إشباعا عن حركة الكسرة ، وانظر البيت في الخزانة ٩ / ١٤ والإنصاف المسألة رقم ٧٢ / ٥٢٤ إلى ٥٣٨. وقد احتج به الكوفيون على أن فعل الأمر معرب لا مبني ، وهو من الشواذ والقلة عند النحويين ، لأن لام الأمر لا تدخل على أمر المخاطب والأكثر الاستغناء عنه هذا الفعل الأمر. وانظر كذلك شرح الكافية ٢ / ٢٥٢ وابن يعيش ٧ / ٦١ وشرح الأشموني ٤ / ٣ والتصريح ١ / ٥٥ و ٢ / ٢٤٦.