(١٨) وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهادَتُهُمْ وَيُسْئَلُونَ (١٩) وَقالُوا لَوْ شاءَ الرَّحْمنُ ما عَبَدْناهُمْ ما لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ (٢٠) أَمْ آتَيْناهُمْ كِتاباً مِنْ قَبْلِهِ فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ (٢١) بَلْ قالُوا إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُهْتَدُونَ (٢٢) وَكَذلِكَ ما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلاَّ قالَ مُتْرَفُوها إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُقْتَدُونَ)(٢٣)
قوله : «جزءا» قرأ عاصم ـ في رواية أبي بكر ـ جزءا ـ بضم الجيم والزّاي ، في كل القرآن (١) ، والباقون بإسكان الزاي في كلّ القرآن. وهما لغتان.
وأما حمزة فإذا وقف قال : جزا ـ بفتح الزاي بلا همز (٢). و «جزءا» مفعول أول للجعل والجعل تصيير قولي. ويجوز أن يكون بمعنى سمّوا واعتقدوا.
وأغرب ما قيل هنا : أن الجزء الأنثى ، وأنشدوا :
٤٣٩٦ ـ إن أجزأت حرّة يوما فلا عجب |
|
قد تجزىء الحرّة المذكار أحيانا (٣) |
وقال الآخر :
٤٣٩٧ ـ زوّجته من بنات الأوس مجزئة |
|
للعوسج اللّدن في أبياتها زجل (٤) |
قال الزمخشري : أثر الصنعة فيهما ظاهر (٥).
وقال الزّجّاج والأزهريّ : هذه اللغة فاسدة ، وهذه الأبيات مصنوعة (٦).
__________________
(١) ليست من المتواتر بل هي من الأربع فوق العشرة. انظر الإتحاف ٣٨٥ والرازي ٢٧ / ٢٢٠.
(٢) انظر السابقين.
(٣) من البسيط ولم أهتد إلى قائله.
وشاهده : أن أجزأت وتجزىء بمعنى تلد الإناث وهو معنى غريب نقل ، ولم يرتضه أولو العلم الخلّص فقد قال الزجاج : أنشدني بعض أهل اللغة بيتا يدل على أن معنى جزء معنى الإناث ، ولا أدري البيت قديم أم مصنوع ، ثم قال كذلك صاحب اللسان انظر معاني الزجاج ٤ / ٤٠٧ والدر المصون ٤ / ٧٧٥ ، وغريب القرآن ٣٩٦ وتفسير غريب القرآن للسجستاني ٢٢٤ والكشاف ٣ / ٤٨١ وشرح شواهده ٥٥٨ ، ومجمع البيان ٩ / ٦٤ والبحر المحيط ٨ / ٨.
(٤) البيت صدره فقط في القرطبي ١٦ / ٦٩ ، والبحر ٨ / ٨ وبتمامه في اللسان جزأ ٦١٣ وغريب القرآن ٣٩٦ ، إلا أن الرواية التي ذكرها المؤلف تبعا للسمين ٤ / ٧٧٦ وفي اللسان وبقية المراجع : زوجتها وهو من البسيط وقد أنشده أبو حنيفة الدينوري كما قال صاحب اللسان.
والشاهد : مجزئة : أي تلد الإناث ومعنى البيت أنها امرأة غزالة بمغازل سوّيت من شجر العوسج ، وانظر المراجع السابقة والكشاف ٣ / ٤٨١ ، وشرح شواهده ٥٠١.
(٥) قال : «ومن بدع التفاسير تفسير الجزء بالإناث ، وادعاء أن الجزء في لغة العرب اسم للإناث وما هو إلا كذب على العرب ، ووضع مستحدث منحول».
(٦) قال الزجاج ٤ / ٤٠٧ في معاني القرآن : «ولا أدري البيت قديم أم مصنوع» ، وانظر تهذيب الأزهري جزأ.