فيما قبل المضاف ، لأنّ غير بمعنى «لا» (١) كما تقدم تحقيقه آخر الفاتحة (٢).
فصل
المعنى وهو في المخاصمة غير مبين الحجة من ضعفهن وسقمهنّ (٣). قال قتادة في هذه الآية : كل ما تتكلم امرأة ، فتريد أن تتكلم بحجّتها إلا تكلمت بالحجّة عليها (٤).
قوله : (وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً) جعلوا أي حكموا به (٥). وقرأ نافع وابن كثير وابن عامر : «عند الرّحمن» ظرفا (٦) ويؤيده قوله : (إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ) [الأعراف : ٢٠٦] والباقون «عباد» جمع عبد والرسم يحتملهما. وقرأ الأعمش كذلك ، إلا أنه نصب «عباد» على إضمار فعل ، أي الذين هم خلقوا عبادا ونحوه (٧) وقرأ عبد الله وكذلك هي في مصحفه الملائكة عباد الرحمن (٨) وأبي عبد الرحمن بالإفراد (٩) ، وإناثا هو المفعول الثاني للجعل بمعنى الاعتقاد أو التصيير القولي. وقرأ زيد بن عليّ : أنثا جمع الجمع (١٠).
قوله : «أشهدوا» قرأ نافع بهمزة مفتوحة ، ثم بأخرى مضمومة مسهّلة بينها وبين الواو وسكون الشين على ما لم يسمّ فاعله أي أحضروا خلقهم حين خلقوا ، كقوله : (أَمْ خَلَقْنَا الْمَلائِكَةَ إِناثاً وَهُمْ شاهِدُونَ)(١١). وهذا استفهام على سبيل الإنكار. وقرأ قالون ذلك بالمد يعني بإدخال ألف بين الهمزتين ، والقصر يعني بعدم الألف. والباقون بفتح الشين بعد همزة واحدة (١٢). فنافع أدخل همزة للتوبيخ على «أشهدوا» فعلا رباعيا مبنيّا
__________________
(١) ففيها معنى النفي فكأنه قال : وهو لا يبين في الخصام فلا مشكلة حينئذ. بتصرف من البيان للعكبري المرجع السابق.
(٢) اللباب ١ / ٢٧ ب ميكروفيلم.
(٣) كذا في ب وفي الأصل : وسفههن ؛ والأول أقرب.
(٤) نقله القرطبي في الجامع لأحكام القرآن ١٦ / ٧٢ بالمعنى وكذلك الزجاج في معاني القرآن وإعرابه ٤ / ٤٠٧.
(٥) قاله الزجاج في مرجعه السابق.
(٦) قراءة سبعية متواترة ذكرها مكّي في الكشف ٢ / ٢٥٦ ، وابن خالويه في الحجة ٣٢٠ ، كما ذكرها صاحبها الإتحاف والبحر ٣٨٥ و ٨ / ١٠.
(٧) شاذة ذكرها ابن خالويه في مختصره ١٣٥ قال : «هي في مصحف ابن مسعود كذلك».
(٨) المرجع السابق.
(٩) ذكرها أبو حيان في البحر المحيط ٨ / ١٠ ، قال : «ومعناه الجمع لأنه اسم جنس».
(١٠) المرجع السابق وجمع الجمع هو أنث جمعا للجمع إناث جمع لأنثى المفرد.
(١١) ١٥٠ من الصافات وانظر الإتحاف ٣٨٥ والسبعة ٥٨٥ أقول وقد ورد عن نافع : أو شهدوا ، والباقون عن نافع لا يمدون ، وانظر السبعة المرجع السابق.
(١٢) انظر إتحاف فضلاء البشر ٣٨٥ والدر المصون ٤ / ٧٧٧.