للمفعول فسهّل همزته الثانية وأدخل ألفا بينهما كراهة لاجتماعهما ، وتارة لم يدخلها اكتفاء بتسهيل الثانية وهي أوجه (١). والباقون أدخلوا همزة الإنكار على «شهدوا» ثلاثيا (٢). ولم ينقل أبو حيان عن نافع تسهيل الثانية. بل نقله عن عليّ بن أبي طالب (٣).
وقرأ الزهري أشهدوا رباعيا مبنيا للمفعول (٤) وفيه وجهان :
أحدهما : أن يكون حذف الهمزة لدلالة القراءة الأخرى عليها ، كما تقدم في قراءة أعجميّ.
والثاني : أن تكون الجملة خبرية ، وقعت صفة لإناثا ، أي أجعلوهم إناثا مشهودا (٥) خلقهم كذلك.
قوله : (سَتُكْتَبُ شَهادَتُهُمْ) قرأ العامة ستكتب بالتاء من فوق مبنيا للمفعول «شهادتهم» بالرفع لقيامه مقام الفاعل. وقرأ الحسن : شهاداتهم بالجمع (٦) ، والزّهريّ : سيكتب بالياء من تحت (٧) وهو (٨) في الباقي كالعامة. وابن عباس وزيد بن عليّ وأبو جعفر وأبو حيوة سنكتب ـ بنون العظمة (٩) ـ شهادتهم بالنصب مفعولا به.
فصل
المعنى سنكتب شهادتهم على الملائكة أنهم بنات الله ويسألون عنها. قال الكلبي ومقاتل : لما قالوا هذا القول سألهم النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فقال : ما يدريكم أنهم إناث؟ قالوا : سمعنا من آبائنا ونحن نشهد أنهم لم يكذّبوا فقال الله تعالى : (سَتُكْتَبُ شَهادَتُهُمْ وَيُسْئَلُونَ) عنها في الآخرة وهذا يدل على أن القول بغير دليل منكر ، وأن التقليد حرام يوجب الذم العظيم ، والعقاب الشديد.
__________________
(١) انظر الكشف في القراءات السبع ٢ / ٣٥٧ وحجة ابن خالويه ٣٢١.
(٢) المراجع السابقة وانظر في هذا كله الدر المصون ٤ / ٧٧٧.
(٣) قال : «وعلي بن أبي طالب وابن عباس ومجاهد في رواية أبي عمرو ونافع بتسهيل الثانية بلا مد».
(٤) نقلها أبو الفتح بن جني في المحتسب ٢ / ٣٥٤ وهي شاذة وكذا نقلها الإمام القرطبي ١٦ / ٧٣.
(٥) الأفصح ـ كما في المحتسب ـ مشاهدا. وهذان التوجيهان نقلهما ابن جني في المحتسب المرجع السابق بالمعنى. وانظر القراءة المشار إليها في سورة فصّلت.
(٦) نقلها صاحب الإتحاف ٣٨٥ ، وصاحب المختصر ١٣٥ وهي من الأربع فوق الغشر المتواتر.
(٧) ولم ينسبها أبو حيان في البحر ٨ / ١٠ ، بل نسبها صاحب الدر المصون ٤ / ٧٧٧ وهي من الشواذ غير المتواترة.
(٨) أي الزهري في باقي الآية.
(٩) نسبها القرطبي إلى السلمي وابن السّميقع ، وهبيرة عن حفص وابن خالويه في المختصر ٣٢١ نسبها للأعرج وما هو أعلى موافق لما في البحر المحيط لأبي حيان ٨ / ١٠ والدر المصون للسمين ٤ / ٧٧٧.