الْعالَمِينَ (٤٦) فَلَمَّا جاءَهُمْ بِآياتِنا إِذا هُمْ مِنْها يَضْحَكُونَ (٤٧) وَما نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ إِلاَّ هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِها وَأَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٤٨) وَقالُوا يا أَيُّهَا السَّاحِرُ ادْعُ لَنا رَبَّكَ بِما عَهِدَ عِنْدَكَ إِنَّنا لَمُهْتَدُونَ (٤٩) فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِذا هُمْ يَنْكُثُونَ (٥٠) وَنادى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قالَ يا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهذِهِ الْأَنْهارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ (٥١) أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلا يَكادُ يُبِينُ (٥٢) فَلَوْ لا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ جاءَ مَعَهُ الْمَلائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ (٥٣) فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطاعُوهُ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ(٥٤) فَلَمَّا آسَفُونا انْتَقَمْنا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْناهُمْ أَجْمَعِينَ (٥٥) فَجَعَلْناهُمْ سَلَفاً وَمَثَلاً لِلْآخِرِينَ)(٥٦)
قوله : (وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا) فيه ثلاثة أوجه :
أظهرها : أن من موصولة ، وهي مفعولة للسؤال ، كأنه قيل : واسأل الذي أرسلناه من قبلك عمّا أرسلوا به ، فإنهم لم يرسلوا إلا بالتوحيد (١).
الثاني : أنه على حذف حرف الجر على أنه المسؤول عنه والمسؤول الذي هو المفعول الأول محذوف تقديره واسألنا عمّن أرسلناه (٢).
الثالث : أن من استفهامية ، مرفوعة بالابتداء ، و «أرسلنا» خبره والجملة معلقة للسؤال فيكون في محل نصب على إسقاط الخافض (٣).
وهذا ليس بظاهر بل الظاهر أن المعلق للسؤال إنما هو الجملة الاستفهامية من قوله : «أجعلنا».
فصل
اختلف في هؤلاء المسؤولين ، فروى عطاء عن ابن عباس (رضي الله عنهم) قال : لما أسري بالنّبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ إلى المسجد الأقصى بعث له آدم وولده من المرسلين فأذّن جبريل ثم أقام وقال : يا محمد تقدم فصل بهم ، فلما فرغ من الصلاة قال له جبريل : سل يا محمد من أرسلنا من قبلك من رسلنا ... الآية. فقال رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : لا أسأل قد اكتفيت ، ولست شاكا فيه. وهذا قول الزهري ، وسعيد بن جبير ، وابن زيد ؛ قالوا : جمع له الرسل ليلة أسري به وأمر أن يسألهم ، فلم يسأل ولم يشك (٤).
__________________
(١) ذكره السمين في الدر المصون ٤ / ٧٨٨.
(٢) ذكره المرجع السابق ، ونقله أبو حيان في بحره ٨ / ١٩ ولم يرتضه حيث قال : «وأبعد من ذهب إلى أن المعنى واسألنا عن من أرسلنا». البحر المحيط السابق ، وانظر أمالي المرتضى ٢ / ٨٩.
(٣) هذا الوجه امتداد لنفس الوجه الثاني السابق كما ذكره أبو حيان وانظر البحر ٨ / ١٩ والدر المصون ٤ / ٧٨٨.
(٤) ذكره القرطبي ١٦ / ٩٤ و ٩٥ والرازي ٢٧ / ٢١٦ والزجاج في معاني القرآن وإعرابه ٤ / ٤١٣ و ٤١٤.