فهم عنده بصراء ، وهذا من إنزال السبب منزلة المسبّب (١). قال أبو حيان : وهذا متكلف جدا ، إذ المعادل إنما يكون مقابلا للسابق فإن كان المعادل جملة فعلية ، كان السابق جملة فعلية ، أو جملة اسمية يتقدر منها جملة فعلية ، كقوله : (أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صامِتُونَ) [الأعراف : ١٩٣] ؛ لأن معناه أو صمتّم وهنا لا يتقدر منها جملة فعلية لأن قوله : (أَمْ أَنَا خَيْرٌ) ليس مقابلا لقوله: أفلا تبصرون ، وإن كان السابق اسما كان المعادل اسما أو جملة فعلية يتقدر منها اسم نحو قوله :
٤٤١٣ ـ أمخدج (٢) اليدين أم أتمّت؟
«فأتمت» معادل للاسم والتقدير : أم متمّا؟ (٣).
قال شهاب الدين : وهذا الذي رده على الزمخشري رده على سيبويه ، لأنه هو السابق به وكذا قوله أيضا : إنه لا يحذف المعادل بعد «أم» وبعدها «لا» فيه نظر في تجويز سيبويه حذف المعادل دون لا فهو رد على سيبويه أيضا (٤).
قوله : (وَلا يَكادُ يُبِينُ) هذه الجملة يجوز أن تكون معطوفة على الصلة وأن تكون مستأنفة وأن تكون حالا (٥). والعامة على يبين من أبان ، والباقون : يبين ـ بفتح الياء ـ من بان أي ظهر (٦).
فصل
قال أكثر المفسرين : «أم» هنا بمعنى «بل» وليس بحرف عطف (٧). قال الفراء : الوقف على قوله أم وفيه إضمار مجاز (ه) أفلا تبصرون أم تبصرون؟ لكنه اكتفى بلفظ «أم»
__________________
(١) الكشاف ٣ / ٤٩٢ مع أن الزمخشري كما سبق قد جوز فيها وجه الانقطاع أيضا.
(٢) المخدج : الناقص الخلق ، ومخدج اليدين ناقص نموّ اليدين. ويقال : إن هذه صفة رجل كان من الخوارج يؤلب أتباع الإمام عليّ كرم الله وجهه عليه سرّا. والشاهد في تلك العبارة : أن أتمت وهي جملة فعلية في تقدير اسم كما قال أبو حيان وكما قدره أعلى. وفي هذا رد من أبي حيان على تقدير الزمخشري وانظر البحر ٨ / ٢٣ ، ولسان العرب «خدج» وكامل المبرد ٣ / ٢٦٣ وغريب الحديث ٣ / ٤٤٤ و ٤٤٥ والفائق في غريب الحديث للزمخشري ١ / ١٤٥.
(٣) البحر المحيط ٨ / ٢٣.
(٤) هذا بناء على صحة نقل كلام أبي حيان عن سيبويه في كون أم متصلة ومعادلة. وانظر الدر المصون ٤ / ٧٩٣.
(٥) قال بهذا الإعراب السمين في الدر المصون ٣ / ٧٩٣.
(٦) ذكر هذه القراءة أبو حيان في البحر ٨ / ٢٣ والسمين في المرجع السابق.
(٧) ممن قال بذلك الزمخشري في الكشاف ٣ / ٤٩٢ وأبو عبيدة في مجاز القرآن كما سيأتي قوله والسدي كما نقله عنه الإمام القرطبي في الجامع ١٦ / ٩٩ وأبو حيان في البحر ٨ / ٢٢. وانظر غريب القرآن ٣٣٩ والفخر الرازي ٢٧ / ٢١٨.