[النجم : ٥٧]. أي قربت ، قال النابغة الشاعر (١) (رحمة الله (٢) عليه) :
٤٣٢٥ ـ أزف التّرحّل غير أنّ ركابنا |
|
لمّا تزل برحالنا وكأن قد (٣) |
وقال كعب بن زهير :
٤٣٢٦ ـ بان الشّباب وهذا الشّيب قد أزفا |
|
ولا أرى لشباب بائن خلفا (٤) |
وقال الراغب : وأزف ، وأفد يتعاقبان (٥) ، لكن أزف يقال اعتبارا بضيق وقتها ، ويقال أزف (٦) الشخوص ، والأزف ضيق الوقت. قال شهاب الدين ، فجعل بينهما فرقا ، ويروى بيت النابغة أفد (٧) والآزفة صفة لموصوف محذوف ، فيجوز أن يكون التقدير الساعة الآزفة ، أو الظلمة الآزفة (٨) ، وقوله : (إِذِ الْقُلُوبُ) بدل من (يَوْمَ الْآزِفَةِ)(٩) أو من «هم» في «أنذرهم» بدل اشتمال (١٠).
فصل
المقصود من الآية التنبيه على أن يوم القيامة قريب ، ونظيره قوله تعالى : (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ) [القمر : ١] قال الزجاج : إنما قيل لها آزفة لأنها قريبة وإن استبعد الناس مداها وما هو كائن فهو قريب (١١).
واعلم أن الآزفة نعت لمحذوف مؤنث فقيل : يوم القيامة الآزفة ، أو يوم المجازاة الآزفة (١٢) ، قال القفال : وأسماء القيامة تجري على التأنيث كالطامة والحاقة ونحوها ، كأنها يرجع معناها على الداهية (١٣).
وقيل : المراد بيوم الآزفة مشارفتهم (١٤) دخول النار ، فإن عند ذلك ترتفع قلوبهم
__________________
(١) في ب شعرا بدل الشاعر.
(٢) زيادة من أفقط.
(٣) البيت له كما في ديوانه من تام الكامل ولكن بلفظ «أفد» وعليها فلا شاهد فيه حينئذ وفي ب الرحيل بدل الترحل ، وجاء المؤلف بالبيت ليدلنا على أن الأزف هو القرب وفي البيت شواهد نحوية لا داعي لذكرها في هذا المقام وقد تقدم.
(٤) كسابقه في الشاهد وهو من البسيط والخلف هو العوض وانظر الدر المصون ٤ / ٦٨٥ وديوانه ٧٠.
(٥) في ب والراغب يتقاربان. المفردات له ١٧.
(٦) في ب أزفت بتاء التأنيث.
(٧) الدر المصون ٤ / ٦٨٥.
(٨) قاله أبو حيان في بحره ٧ / ٤٥٦.
(٩) حكاه ابن الأنباري في البيان ٢ / ٣٣٠.
(١٠) قاله في الدر المصون ٤ / ٦٨٥.
(١١) معاني القرآن وإعرابه له ٤ / ٣٦٩ ، وانظر الرازي ٢٧ / ٤٩.
(١٢) سبق إعراب يوم الآزفة عن قرب ، وهذا الإعراب نقله المؤلف كعادته عن الفخر الرازي في إطار نقله عنه ، انظر تفسير الرازي المرجع السابق.
(١٣) في الرازي معناها إلى الداهية وفي النسختين معناه على الداهية.
(١٤) في الرازي مسارعتهم إلى دخول.