لما كان شرطا يعلم به ذلك أطلق عليه علم. وابن عباس وأبو هريرة وأبو مالك الغفاريّ (١) وزيد بن علي لعلم ـ ، بفتح العين والفاء ـ أي لشرط وعلامة. وقرأ أبو نضرة (٢) وعكرمة كذلك إلا أنّهما عرّفا باللام فقرآ للعلم أي للعلامة المعروفة (٣).
فصل
معنى الآية أن نزول عيسى من أشراط الساعة يعلم بها قربها ، قال ـ عليه الصلاة والسلام ـ : «ليوشكنّ أن ينزل فيكم ابن مريم حكما عادلا يكسر الصّليب ويقتل الخنزير ، ويضع الجزية ، وتهلك في زمانه الملل كلّها إلّا الإسلام» (٤). ويروى : أنه ينزل على ثنيّة بالأرض المقدسة يقال لها أفيق (٥) ، وبيده حربة ، وعليه ممصّرتان (٦) ، وشعر رأسه دهين يقتل الدّجّال ، ويأتي بيت المقدس والناس في صلاة العصر ـ وروي في صلاة الصبح ـ فيتأخر الإمام فيتقدمه عيسى ـ عليه الصلاة والسلام ـ ويصلي خلفه على شريعة محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ثم يقتل الخنازير ، ويكسر الصليب ، ويخرب البيع والكنائس ويقتل النّصارى إلا من آمن به (٧).
قوله : (فَلا تَمْتَرُنَّ) من المرية وهي الشك أي لا تشكّنّ فيها. قال ابن عباس (رضي الله عنهما (٨)) لا تكذبوا بها «واتّبعوني» على التوحيد «هذا» الذي أنا عليه (صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ).
(وَلا يَصُدَّنَّكُمُ) لا يصرفنكم «الشّيطان» عن دين الله (إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ) قد بانت عداوته لكم لأجل أنه أخرج أبويكم من الجنة ، ونزع عنهما لباس النور.
قوله تعالى : (وَلَمَّا جاءَ عِيسى بِالْبَيِّناتِ) أي بالمعجزات وبالشرائع البينات الواضحات (قالَ قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ) وهي النبوة. وقيل : معرفة ذات الله وصفاته وأفعاله
__________________
(١) هو غزوان الغفاري أبو مالك الكوفي عن البراء بن عازب وابن عباس وعنه سلمة بن كهيل والسدي وانظر خلاصة الكمال ٣٠٦ ، وانظر القراءة في الإتحاف ٣٨٦ ومختصر ابن خالويه ١٣٥ والكشاف ٣ / ٤٩٤ ومعاني الفراء ٣ / ٣٧.
(٢) هو المنذر بن مالك بن العوقة وهم بطن من عبد قيس وتوفي في ولاية عمر بن هبيرة ، وصلى عليه الحسن البصري انظر المعارف لابن قتيبة ٤٤٩.
(٣) انظر مختصر ابن خالويه والكشاف السابقين وهي شاذة غير متواترة.
(٤) هو في صحيح البخاري ٢ / ٢٧ عن ابن المسيب عن أبي هريرة.
(٥) هو في مكان بالقدس الشريف نفسه.
(٦) الممصّر من الثياب التي فيها صفرة خفيفة.
(٧) ذكره الثعلبي والزمخشري من حديث أبي هريرة ولم أجده في الصّحيح انظر الكشاف ٣ / ٤٩٤ والقرطبي ١٦ / ١٠٦ والرازي ٢٧ / ٢٢.
(٨) سقط من (ب).