قوله «يا عبادي» قرأ أبو بكر عن عاصم : «يا عبادي لا خوف» بفتح الياء. والأخوان وابن كثير وحفص بحذفها وصلا ووقفا (١). والباقون بإثباتها ساكنة. وقرأ العامة : لا خوف بالرفع والتنوين إما مبتدأ وإما اسما لها وهو قليل. وابن محيصن دون تنوين على حذف مضاف وانتظاره أي لا خوف شيء (٢). والحسن وابن أبي إسحاق بالفتح على لا التبرئة (٣) ، وهي عندهم أبلغ.
فصل
قد تقدم أن عادة القرآن جارية بتخصيص لفظ العباد بالمؤمنين المطيعين المتقين. وفيه أنواع كثيرة توجب الفرح :
أولها : أن الحق سبحانه وتعالى خاطبهم بنفسه من غير واسطة.
وثانيها : أنه تعالى وصفهم بالعبودية من غير واسطة ، وهذا تشريف عظيم ، بدليل أنه تعالى لما أراد تشريف محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ليلة المعراج قال : (سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً) [الإسراء : ١].
وثالثها : قوله : (لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ) فنفى عنهم الحزن بسبب فوت الدنيا الماضية (٤).
قوله : (الَّذِينَ آمَنُوا) يجوز أن يكون نعتا لعبادي ، أو بدلا منه ، أو عطف بيان لله ، أو مقطوعا منصوبا بفعل أي أعني الذين آمنوا.
أو مرفوعا بالابتداء وخبره مضمر ، تقديره يقال لهم : ادخلوا (٥).
فصل
قال مقاتل : إذا وقع الخوف يوم القيامة نادي مناد : يا عبادي لا خوف عليكم اليوم. فإذا سمعوا النداء رفع الخلائق رؤوسهم فيقال : (الَّذِينَ آمَنُوا بِآياتِنا وَكانُوا مُسْلِمِينَ) فينكس أهل الأديان الباطلة رؤوسهم فيمر حسابهم على أحسن الوجوه ثم يقال لهم :
__________________
(١) انظر معاني الفراء ٣ / ٣٧ والسبعة ٥٨٨ والإتحاف ٣٨٦ وهي قراءة متواترة.
(٢) ذكرها أبو حيان في البحر المحيط ٨ / ٢٦.
(٣) انظر المرجع السابق ، والإتحاف ٣٨٦.
(٤) انظر تفسير الرازي ٢٧ / ٢٢٥.
(٥) قال بهذه الأوجه كلها السمين في الدر المصون ٤ / ٧٧٩ ، وبالأول الزمخشري في الكشاف ٣ / ٤٩٥ وأبو حيان في البحر ٨ / ٢٥ والزجاج في معاني القرآن وإعرابه ٤ / ٤١٩ ونقله القرطبي ١٦ / ١١١ كما نقل الأخير وزاد قال : وقيل : «الَّذِينَ آمَنُوا» خبر لمبتدأ محذوف أو ابتداء وخبره محذوف تقديره : هم الذين آمنوا أو الذين آمنوا يقال لهم : ادخلوا الجنة. انظر الجامع ١٦ / ١١١.