وقوله : (وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ) والمبلس هو اليائس الساكت سكوت يائس من فرج (١). عن الضحاك : يعقل المجرم في تابوت من نار ، ثم يقفل عليه فيبقى خالدا لا يرى ولا يرى.
قوله : (وَما ظَلَمْناهُمْ وَلكِنْ كانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ) العامة على الياء خبرا لكان ، و «هم» إما فصل (٢) ، وإمّا توكيد (٣) ، وقرأ عبد الله (٤) وأبو زيد (٥) النحويان : الظّالمون (٦) على أنه مبتدأ و «الظالمون» خبره والجملة خبر كان. وهي لغة تميم (٧).
قال أبو زيد : سمعتهم يقرأون : (تَجِدُوهُ عِنْدَ اللهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً) [المزمل : ٢٠] بالرفع (٨). وقال قيس بن ذريح (الشاعر) (٩) :
٤٤١٨ ـ تحنّ إلى ليلى وأنت تركتها |
|
وكنت عليها بالملا أنت أقدر (١٠) |
برفع «أقدر» و «أنت» فصل أو توكيد.
قال سيبويه : بلغنا أن رؤبة كان يقول : أظنّ زيدا هو خير منك (١١) يعني بالرفع.
فصل
احتج القاضي بقوله : (وَما ظَلَمْناهُمْ وَلكِنْ كانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ) فقال : إن كان خلق
__________________
(١) قاله الزجاج في معاني القرآن وإعرابه ٤ / ٣١٩.
(٢) وكونه فصلا أو عمادا صحيح ، فالأول تسمية للبصرة والثاني للكوفة وسمي فصلا ، لأنه فصل بين التابع والخبر وعمادا لأنه يعتمد عليه معنى الكلام وفائدته التوكيد ، ولهذا قال بعضهم : إنه لا يجامع التوكيد فلا يقال زيد نفسه هو الفاضل. وفيه كلام ذكره ابن هشام في مغنيه ٤٩٣ ـ ٤٩٨.
(٣) وقال بهذا السمين ٤ / ٨٠١.
(٤) هو أبو بحر عبد الله بن أبي إسحاق الحضرميّ البصري كان أول من علل النحو انظر غاية النهاية في طبقات القراء لابن الجزريّ ١ / ٤١٠ وقد مات هذا الرجل سنة ١١٧ ه. وانظر أيضا إنباه الرواة ٢ / ١٠٤.
(٥) هو سعيد بن أوس بن ثابت بن بشير بن أبي زيد ، روى القراءة عن المفضل عن عاصم ، وكان من جلّة أصحاب أبي عمرو من أعيان أهل النحو واللغة مات سنة ٢١٥ ه. وانظر غاية النهاية ١ / ٣٠٥.
(٦) ذكرها ابن خالويه في مختصره (١٣٦) وذكرها القرطبي إجازة نحوية ولم يذكره قراءة.
(٧) أخبر بذلك أبو عمرو الجرمي أن لغة تميم جعل ما هو فصل عند غيرهم مبتدأ ويرفعون ما بعده على الخبر انظر البحر المحيط ٨ / ٢٢.
(٨) انظر المرجع السابق ، والكتاب ٢ / ٣٩٢.
(٩) زيادة من أالأصل.
(١٠) من الطويل له وقد روي ـ كما في الكتاب تبكي بدل تحنّ ، والملا ـ مقصورا ـ الصّحراء وهو يتحسر على طلاقه لليلى وكان مفتونا ومشغوفا بها. والشاهد : أنت أقدر بفصل الضمير ورفعه وما بعده على الخبر على لغة تميم. وانظر الديوان ٣٣ والكتاب ٣ / ٢٩٢ ، وابن يعيش ٣ / ١١٢ ، والبحر المحيط ٨ / ٢٧ والدر المصون ٤ / ٨٠٢ واللسان (ملا) ٤٢٧٣.
(١١) الكتاب ٢ / ٣٩٢.