نفسه أو غيره في مكان والنجوى ما تكلموا به فيما بينهم «بلى» نسمع ذلك «و» نعلم «رسلنا» أي الحفظة (لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ) أي يكتبون عليهم جميع أحوالهم.
قوله تعالى : (قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ (٨١) سُبْحانَ رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ (٨٢) فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ (٨٣) وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ (٨٤) وَتَبارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٨٥) وَلا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفاعَةَ إِلاَّ مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (٨٦) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ (٨٧) وَقِيلِهِ يا رَبِّ إِنَّ هؤُلاءِ قَوْمٌ لا يُؤْمِنُونَ (٨٨) فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ)(٨٩)
قوله تعالى : (قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ). قوله (إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ) قيل : هي شرطية على بابها ، واختلف في تأويله ، فقيل : إن صح ذلك فأنا أول من يعبده ، لكنه لم يصح ألبتة بالدليل القاطع ، وذلك أنه علق العبادة بكينونة الولد ، وهي محال في نفسها ، فكان المعلق بها محالا مثلها. فهو في صورة إثبات الكينونة والعبادة وفي معنى نفيهما على أبلغ الوجوه وأقواها. ذكره الزمخشري (١).
وقيل : إن كان له ولد في زعمكم فأنا أول العابدين أي الموحّدين لله ، المكذبين لهذا القول(٢).
واعلم أن هذا التأويل فيه نظر ، سواء أثبتوا لله ولدا ، أو لم يثبتوا له ، فالرسول منكر لذلك الولد ، فلم يكن لزعمهم تأثير في كون الرسول منكرا لذلك الولد ، فلم يصلح جعل زعمهم إثبات الولد مؤثرا في كون الرسول منكرا للولد. وهذا التأويل قاله الواحدي (٣).
وقيل : العابدين بمعنى الأنفين ، من عبد يعبد إذا اشتدّ أنفه فهو عبد وعابد (٤) ، ويؤيده قراءة السّلميّ واليمانيّ : العبدين دون ألف (٥). وحكى الخليل (٦) قراءة غريبة وهي
__________________
(١) الكشاف ٣ / ٤٩٧ وانظر الدر المصون ٤ / ٨٠٢.
(٢) وهذا رأي الواحدي فيما نقله الرازي في تفسيره عنه قال : «والأقوى أن يقال : المعنى إن كان للرحمن ولد في زعمكم فأنا أول العابدين أي الموحدين لله المكذبين لقولكم». انظر الرازي ٢٧ / ٢٣١.
(٣) المرجع السابق.
(٤) الكشاف ٣ / ٤٩٧ ، وغريب القرآن للسجستاني ٢٢٥ ، والرازي السابق.
(٥) نقلها ابن جني في المحتسب ٢ / ٢٥٧ قال : معناه والله أعلم أول الآنفين يقال : عبدت من الأمر أعبد عبدا أي أنفت. وحكاه أبو عبيدة في المجاز ٢ / ٢٠٧ وقد أنكر هذه القراءة الإمام أبو منصور الأزهريّ في التهذيب ٢ / ٢٣٨.
(٦) فيما نقله عنه أبو حيان في البحر المحيط ٨ / ٢٨ ولم أجدها في معجمه العين ولا فيما نقلت عنه.