الإنذار غير كاظمين ، وقال ابن عطية : كاظمين حال مما أبدل منه «إذ القلوب» أو مما يضاف إليه القلوب ؛ إذ المراد إذ قلوب الناس لدى حناجرهم ، وهذا كقوله (تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصارُ مُهْطِعِينَ)(١) أراد تشخص فيه أبصارهم قال شهاب الدين : ظاهر قوله أنه حال مما أبدل منه قوله : (إِذِ الْقُلُوبُ) مشكل ؛ لأنه أبدل من قوله : (يَوْمَ الْآزِفَةِ) وهذا لا يصح البتّة ، وإنما يريد بذلك على الوجه الثاني وهو أن يكون بدلا من «هم» في أنذرهم بدل اشتمال وحينئذ يصح (٢) ، وقد تقدم الكلام على الكظم والحناجر في آل عمران (٣) والأحزاب.
فصل
قيل المراد بقوله (إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَناجِرِ كاظِمِينَ) شدة الخوف والفزع ونظيره قوله (وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ) [الأحزاب : ١٠] وقال : (فَلَوْ لا إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ) [الواقعة : ٨٣ و ٨٤]. وقال الحسن : القلوب تنتزع من الصدور لشدة الخوف وبلغت القلوب الحناجر فلا هي تخرج فيموتوا ولا ترجع إلى مواقعها فيتنفّسوا ويترّوحوا ، وقوله : (كاظمين) أي مكروبين ، والكاظم الساكت حال امتلائه غما وغيظا والمعنى أنهم لا يمكنهم أن ينطقوا وأن يشرحوا ما عندهم من الخوف والحزن وذلك يوجب مزيد القلق والاضطراب.
قوله : (ما لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ) قريب ينفعهم (وَلا شَفِيعٍ يُطاعُ) فيشفع لهم (٤). وقوله «يطاع» يجوز أن يحكم على موضعه بالجر نعتا على اللفظ ، وبالرّفع نعتا على المحل لأنه معطوف على المجرور بمن المزيدة (٥) ، وقوله (وَلا شَفِيعٍ يُطاعُ) من باب :
٤٣٢٧ ـ على لاحب لا يهتدى بمناره |
|
.........(٦) |
__________________
(١) من الآيتان ٤٢ و ٤٣ من سورة إبراهيم وانظر عبارة ابن عطية في البحر المحيط ٧ / ٤٥٦ والدر المصون ٤ / ٦٨٥ وقد اختار الزجاج والنحاس أن تكون «كاظمين» حالا من أصحاب القلوب بالحمل على المعنى كالزمخشري ، انظر معاني القرآن وإعرابه للزجاج ٤ / ٣٦٩ ، وإعراب القرآن للنحاس ٤ / ٢٩.
(٢) الدر المصون ٤ / ٢٩.
(٣) من قوله : والكاظمين الغيظ ، والآية ١٣٤. وبين هناك أن الكظم الممتلىء أسفا والمكظوم الممتلىء غيظا وانظر اللباب ٢ / ٢٩٧ ب.
(٤) وانظر الرازي ٢٧ / ٥٠ والبغوي ٦ / ٩٢.
(٥) قاله في التبيان ١١١٨ والدر المصون ٤ / ٦٨٦.
(٦) هذا صدر بيت من الطويل لامرىء القيس ، عجزه :
إذا سافه العود الديافيّ جرجرا
واللاحب الطريق الواسع ، وسافه شمّه ، والعود : البعير المسنّ والديافي نسبة إلى دياف قرية في الشام.
والجرجرة تردد صوت البعير ، والبيت في الخصائص ٣ / ١٦٥ ، ٣٢١ واللساف سوف ٢١٥٣ والحجة لأبي علي ٢ / ٣٨ والصاحبي ٣٧٨ والدر المصون ٣ / ٦٨٦ والديوان ٦٦.