الثالث : مفعول بمرسلين (١).
الرابع : حال من ضمير «مرسلين» (٢) ، أي ذوي رحمة.
الخامس : أنها بدل من «أمرا» فيجيء فيها ما تقدم (٣) ، وتكثر الأوجه فيها حينئذ. و (مِنْ رَبِّكَ) يتعلق (٤)(٥) برحمة ، أو بمحذوف على أنها صفة. وفي : (مِنْ رَبِّكَ) التفات من المتكلم إلى الغيبة ولو جرى على منوال ما تقدم لقال : رحمة منّا (٦).
فصل
قال ابن عباس (رضي الله عنهم (٧)) : معنى رحمة من ربك أي رأفة مني بخلقي ، ونعمة عليهم بما بعثت (٨) إليهم من الرسل. وقال الزجاج : أنزلناه في ليلة مباركة (٩) ، (إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) أي إن تلك الرحمة كانت رحمة في الحقيقة ؛ لأن المحتاجين إما أن يذكروا حاجاتهم بألسنتهم أو لم يذكروها فإن ذكروها فهو سميع ، وإن لم يذكروها فهو تعالى عالم بها.
قول تعالى : (رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) قرأ الكوفيون بخفض «ربّ» والباقون برفعه(١٠). فالجر على البدل أو البيان ، أو النعت ، والرفع على إضمار مبتدأ ، أو على أنه مبتدأ خبره: (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ)(١١).
فصل
المقصود من هذه الآية أن المنزّل إذا كان موصوفا بهذه الجلالة والكبرياء كان المنزّل ـ الذي هو القرآن ـ في غاية الشرف والرفعة. ثم قال : (إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ) قال أبو مسلم معناه : إن كنتم تطلبونه (١٢) وتريدونه فاعرفوا أن الأمر كما قلنا ؛ كقولهم : فلان منجد متهم ، أي يريد نجدا وتهامة (١٣). وقال الزمخشري : كانوا يقرون بأن (رب (١٤))
__________________
(١) إعراب القرآن السابق والبيان ٢ / ٣٥٧ ومشكل إعراب القرآن ٢ / ٢٨٨.
(٢) وهو رأي الفراء انظر المعاني ٣ / ٣٩.
(٣) رأي الأخفش نقله ابن الانباري عنه في البيان ٢ / ٣٥٧.
(٤) المرجع السابق.
(٥) في ب متعلق.
(٦) الكشاف ٣ / ٥٠١.
(٧) سقط من ب.
(٨) في ب بعثت.
(٩) فسرها الزجاج بليلة القدر قال : «وقال المفسرون : في ليلة مباركة هي ليلة القدر» معاني القرآن وإعرابه ٤ / ١٢٣.
(١٠) السبعة ٥٩٢ وإبراز المعاني ٦٨٢ ، والإتحاف ٣٨٨ ، ومعاني الفراء ٣ / ٣٩ ، والكشف ٢ / ٢٦٤.
(١١) انظر هذه التوجيهات في الكشف المرجع السابق والبيان ٢ / ٣٥٨ ، والحجة لابن خالويه ٣٢٤.
(١٢) في الرازي : تطلبون اليقين وتريدونه.
(١٣) الرازي ٢٧ / ٢٤١.
(١٤) زيادة من النسختين.