حذيفة : يا رسول الله ، وما الدخان؟ فتلا رسول الله صلىاللهعليهوسلم الآية به وكان يملأ ما بين المشرق والمغرب يمكث أربعين يوما وليلة ، أما المؤمن فيصيبه كالزّكمة. وأما الكافر فهو كالسكران يخرج من منخريه ، وأذنيه ، ودبره. ويكون الأرض كلها كبيت أوقد فيه النار قال ـ عليه الصلاة والسلام ـ : «باكروا بالأعمال» ، وذكر منها طلوع الشمس من مغربها ، والدّخان والدابة ، رواه الحسن(١).
واحتج الأولون بأن الله تعالى حكى عنهم أنهم يقولون : ربنا اكشف عنّا العذاب إنا مؤمنون. فإذا حملناه على القحط الذي وقع في مكة استقام فإنه نقل أن الأمر لما اشتد على أهل مكة مشى إليه أبو سفيان فناشده الله والرّحم وواعده إن دعا لهم وأزال الله عنهم تلك البليّة أن يؤمنوا به ، فلما أزاله الله عنهم رجعوا إلى شركهم ، أما إذا حملناه على أن المراد منه ظهور علامة من علامات القيامة لم يصح ذلك ؛ لأن عند ظهور علامات القيامة لا يمكنهم أن يقولوا : ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون ، ولم يصح أيضا أن يقال لهم : (إِنَّا كاشِفُوا الْعَذابِ قَلِيلاً إِنَّكُمْ عائِدُونَ)(٢).
فصل (٣)
ظاهر الحال أنه دخان يغشى الناس أي يشملهم وهو في محل جر صفة ثانية أي بدخان مبين (٤) غاش وقوله : (هذا عَذابٌ أَلِيمٌ) في محل نصب بالقول ، وذلك القول حال أي قائلين ذلك (٥). ويجوز أن لا يكون معمولا لقول ألبتة ، بل هو مجرد إخبار (٦). قال الجرجانيّ (٧) صاحب النظم : هذا إشارة إليه ، وإخبار عن دنوّه واقترابه كما يقال : هذا العدو فاستقبله ، والغرض منه التنبيه على القرب (٨).
قوله : (رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذابَ) إن أضمرنا القول هناك (فالتقدير (٩) : يقولون هذا عذاب أليم ربنا اكشف عنّا العذاب ، وإن لم يضمر القول هناك) أضمرناه ههنا ، و «العذاب» على القول الثاني الدخان المهلك (١٠)(إِنَّا مُؤْمِنُونَ) أي بمحمد وبالقرآن والمراد منه الوعد بالإيمان إن كشف عنهم العذاب.
قوله : (أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرى) يجوز أن يكون «أنى» خبرا لذكرى ، و «لهم» تبيين ،
__________________
(١) الرازي المرجع السابق.
(٢) الرازي المرجع السابق.
(٣) هذا الفصل كله ساقط من نسخة ب.
(٣) هذا الفصل كله ساقط من نسخة ب.
(٤) وتلك على الصفة الأولى.
(٥) قاله الزمخشري في الكشاف ٣ / ٥٠٢.
(٦) هذا رأي السمين في الدر المصون ٤ / ٨١٢.
(٧) أبو علي الجرجاني وقد تقدم التعريف به.
(٨) ذكره عن الرازي ٢٧ / ٢٤٣.
(٩) ما بين القوسين سقط من ب وموجود في أوالرازي.
(١٠) وعلى القول الأول هو القحط الشديد. وانظر الرازي المرجع السابق.