فصل
قال ابن عباس ـ (رضي الله عنهما (١)) ـ : ابتلينا (٢). وقال الزجاج : بلونا (٣) والمعنى : عاملناهم معاملة المختبر ببعث الرسول إليهم (وَجاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ) أي موسى بن عمران.
قال الكلبي : كريم على ربه بمعنى أنه استحق على ربه أنواعا كثيرة من الإكرام.
قوله تعالى : (أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبادَ اللهِ) يجوز أن تكون المفسرة ، لتقدم ما هو بمعنى القول ، وأن تكون المخففة (٤) ، ومعناه (٥) : وجاءهم بأنّ الشأن والحديث : أدّوا إلي عباد الله ، وأن تكون الناصبة للمضارع وهي توصل بالأمر وفي جعلها مخففة إشكال تقدم ، وهو أن الخبر في هذا الباب لا يقع طلبا وعلى جعلها مصدرية تكون على حذف حرف الجر ، أي جاءهم بأن أدّوا و (عِبادَ اللهِ) يحتمل أن يكون مفعولا به وذلك أنه طلب منهم أن يؤدوا إليه بني إسرائيل ، بدليل قوله : (فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرائِيلَ) [الأعراف : ١٠٥] وأن يكون منادى ، والمفعول محذوف أي أعطوني الطاعة يا عباد الله (٦). وعلل بأنه رسول أمين قد ائتمنه الله على وحيه ورسالته.
قوله : (وَأَنْ لا تَعْلُوا) عطف على «أن» الأولى (٧) ، والمعنى لا تتكبّروا على الله بإهانة وحيه ورسوله (إِنِّي آتِيكُمْ بِسُلْطانٍ مُبِينٍ) بحجة بينة يعرف بصحتها كلّ عاقل.
والعامة على كسر الهمزة من قوله (إِنِّي آتِيكُمْ) على الاستئناف. وقرىء (٨) بالفتح (٩) على تقدير اللام أي وأن لا تعلوا لأنّي آتيكم.
قوله : (وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ) وقوله : (إِنِّي عُذْتُ) مستأنف. وأدغم الذال في التاء أبو عمرو والأخوان (١٠). وقد مضى توجيهه في «طه» عند قوله : «فنبذتها» (١١).
فصل (١٢)
قيل : إنه لما قال : (وَأَنْ لا تَعْلُوا عَلَى اللهِ ...) توعدوه بالقتل ، فقال : وإني
__________________
(١) زيادة من ب.
(٢) الرازي ٢٧ / ٢٤٥.
(٣) لم أجده في معاني القرآن وإعرابه ٤ / ٤٢٤ بل نقله عنه الرازي.
(٤) انظر البيان ٢ / ٣٥٨ والكشاف ٣ / ٥٠٢ و ٥٠٣.
(٥) في ب معناها بالتأنيث.
(٦) انظر في هذه التوجيهات الإعرابية الدر المصون ٤ / ٨١٣.
(٧) السابق.
(٨) في ب وقرأ مبنيّا للمعلوم.
(٩) بدون نسبة في البحر المحيط ٨ / ٣٥ وكذلك المرجع السابق.
(١٠) الإتحاف ٣٨٨.
(١١) من الآية ٩٧ منها. وانظر المرجع السابق.
(١٢) هذا الفصل بأكمله هو الآخر سقط من نسخة ب.