قوله : (وَلا هُمْ) جمع الضمير عائدا به على «مولى» ، وإن كان مفردا ؛ لأنه قصد معناه ، فجمع وهو نكرة في سياق النفي تعمّ (١).
قوله : (إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللهُ) يجوز فيه أربعة أوجه :
أحدها : وهو قول الكسائي أنه منقطع (٢).
الثاني : أنه متصل تقديره : لا يغني قريب عن قريب ، إلا المؤمنين فإنهم يؤذن لهم في الشفاعة فيشفعون في بعضهم (٣) كما تقدم عن ابن عباس.
الثالث : أن يكون مرفوعا على البدلية من «مولى» الأول ، ويكون «يغني» بمعنى ينفع قاله الحوفيّ (٤).
الرابع : أنه مرفوع المحل أيضا على البدل من واو «ينصرون» أي لا يمنع من العذاب إلا من رحمهالله (٥).
قوله تعالى : (إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ (٤٣) طَعامُ الْأَثِيمِ (٤٤) كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ (٤٥) كَغَلْيِ الْحَمِيمِ (٤٦) خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلى سَواءِ الْجَحِيمِ (٤٧) ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذابِ الْحَمِيمِ (٤٨) ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ (٤٩) إِنَّ هذا ما كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ)(٥٠)
قوله تعالى : (إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ طَعامُ الْأَثِيمِ) لما وصف اليوم ذكر بعده وعيد الكفار. قال الزمخشري في «شجرة» ثلاث لغات ، كسر الشين ، وضمها ، وفتحها (٦). وتقدم اشتقاق لفظ «الزّقّوم» في سورة الصّافّات (٧) ، و «الأثيم» صفة مبالغة ويقال : الأثوم كالصّبور والشّكور (٨). و «الأثيم» أي ذي الإثم.
قال المفسرون : هو أبو جهل. قالت المعتزلة : هذه الآية تدل على حصول هذا الوعيد للأثيم ، وهو الذي صدر عنه الإثم ، فيكون حاصلا للفسّاق.
__________________
(١) البحر المحيط ٨ / ٣٩ والقرطبي ١٦ / ١٤٨ «أي لكن من رحم الله لا ينالهم ما يحتاجون فيه إلى من يغنيهم من المخلوقين» وهو نفس رأي الفراء انظر المعاني ٣ / ٤٢.
(٢) السابق فهو رأي القراء.
(٣) انظر المرجع السابق فهو رأي القراء أيضا.
(٤) البحر المحيط ٨ / ٣٩ وانظر المشكل لمكي ٢ / ٢٩١.
(٥) المرجع الأخير السابق ، وانظر كل هذه الأوجه في السمين ٤ / ٨١٨.
(٦) كذا في النسخ وما في الكشاف : «وفيها ثلاث لغات : شجرة بفتح الشين وكسرها وشيرة بالياء».
وفي الرازي زاد : وشبرة بالباء فتكون أربع لغات انظر الكشاف ٣ / ٦ والرازي ٢٧ / ٢٥١.
(٧) تقدم.
(٨) اللسان (أثم) ٢٩.