فصل
قال أبو عبيدة : معنى (وَزَوَّجْناهُمْ) أي جعلناهم أزواجا ، كما يزوح النّعل بالنّعل (١) أي جعلناهم اثنين اثنين. واختلفوا في هذا اللفظ هل يدل على حصول عقد التزويج أم لا؟ فقال يونس (٢) : قوله تعالى : (وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ) قرنّاهم بهنّ وليس من عقد التزويج ، والعرب لا تقول : تزوّجت بها ، وإنّما تقول : تزوّجتها. قال الواحديّ : (ـ رحمهالله ـ) (٣) : والتنزيل نزل على ما قال يونس ، وذلك قوله تعالى : (فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها) [الأحزاب : ٣٧] ولو كان المراد تزوّجت بها لقال : زوّجناك بها (٤).
فصل
قال الواحدي : وأصل الحور البياض ، والتّحوير التبييض ، وقد تقدم في تفسير الحواريّين (٥). وعين حوراء إذا اشتدّ بياض بياضها ، واشتدّ سواد سوادها ، ولا تسمى المرأة حوراء حتى يكون حور عينيها بيضاء في لون الجسد (٦). وأما العين فجمع عيناء ، وهي التي تكون عظيمة العينين من النّساء واسعتهما (٧).
قوله : (يَدْعُونَ فِيها) حال من مفعول «زوّجناهم» ومفعوله محذوف ، أي يدعون الخدم بكلّ فاكهة وقوله : «آمنين» يجوز أن تكون حالا ثانية ، وأن تكون حالا من فاعل «يدعون» فتكون حالا متداخلة (٨) ومعنى «آمنين» أي من نفارها ومن (م) (٩) ضرّتها. وقال قتادة : آمنين من الموت ، والأوصاب ، والشّيطان (١٠).
قوله : (لا يَذُوقُونَ) يجوز أن يكون حالا من الضمير في «آمنين» وأن يكون حالا ثالثة أو ثانية من مفعول (وَزَوَّجْناهُمْ)(١١) ، و «آمنين» حال من فاعل «يدعون» كما تقدم ، أو صفة «لآمنين» أو مستأنف (١٢). وقرأ عمرو بن عبيد : لا يذاقون مبنيا للمفعول(١٣).
__________________
(١) في ب الفعل بالفعل وما ذكر أعلى موافق للمجاز ٢ / ٢٠٩.
(٢) هو : يونس بن عبيد العبدي مولاهم أبو عبد الله البصري أحد الأئمة عن الحسن وابن سيرين وعطاء ، وعنه شعبة وهيثم ، ويزيد بن زريع مات سنة ١٤٠ ه ، انظر خلاصة الكمال ٤٤١.
(٣) سقط من ب.
(٤) انظر الرازي ٢٧ / ٢٥٣.
(٥) من الآية ٥٢ من آل عمران : «قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللهِ».
(٦) اللسان حور ١٠٤٣ ونقله عن الأزهريّ.
(٧) انظر اللسان «عين».
(٨) انظر هذه الإعرابات في الدر المصون ٤ / ٨٢١ والتبيان لأبي البقاء ١١٤٦ و ١١٤٧ ومشكل إعراب القرآن ٢ / ٢٩٢.
(٩) الميم زيادة من ب.
(١٠) انظر القرطبي ١٦ / ١٥٤.
(١١) التبيان ١١٤٧ و ١١٤٦ والدر المصون ٤ / ٨٢١.
(١٢) السابق.
(١٣) في الكشاف والبحر المحيط عبيد بن عمير كما مضى تصحيحه قبل. انظر الكشاف ٣ / ٥٠٧ والبحر ٨ / ٤٠.