عدّه من العيوب محال فانتفى عنهم العيب بدليل تعليق الأمر على المحال (١).
وقال ابن عطية بعد ما حكاه عن الطبري : فتبين أنه نفى عنهم ذوق الموت ، وأنه لا ينالهم من ذلك غير ما تقدم في الدنيا (٢). يعني أنه كلام محمول على معناه.
وقال ابن الخطيب : إن من جرب شيئا ووقف عليه صح أن يقال : إنه ذاقة ، وإذا صح أن يسمى ذلك العلم بالذوق صح أن يسمى تذكره أيضا بالذوق. فقوله : (لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولى) يعني الذّوق الحاصل بسبب تذكر الموتة الأولى (٣).
فإن قيل : أليس أنّ أهل النار لا يذوقون الموت فلم بشّر أهل الجنة بهذا مع أن أهل النار يشاركونهم فيه؟
فالجواب : أن البشارة ما وقعت بدوام الحياة ، (بل (٤) بدوام الحياة) مع سابقة حصول تلك الخيرات والساعات (٥) فافترقا.
قوله : «ووقاهم» الجمهور على التخفيف ، وقرأ أبو حيوة ووقّاهم (٦) بالتشديد على المبالغة ولا تكون للتعدية فإنه متعدّ إلى اثنين.
قوله : «فضلا» مفعول من أجله ، وهو مراد مكّيّ بقوله : مصدر عمل فيه «يدعون»(٧). وقيل : العامل فيه (٨) : «ووقاهم». وقيل : آمنين (٩). فهذا إنما يظهر (١٠) على كونه مفعولا من أجله ، على أنه يجوز أن يكون مصدرا ، لأن «يدعون» وما بعده من باب التفضّل ، فهو مصدر ملاق لعامله في المعنى. وجعله أبو البقاء منصوبا بمقدر أي تفضّلنا بذلك فضلا (١١) أي تفضّلا (١٢).
فصل
احتج أهل السنة بهذه الآية على أن الثواب يحصل من الله (تعالى) (١٣) فضلا
__________________
(١) الدر المصون ٤ / ٨٢١.
(٢) البحر المحيط ٨ / ٤٠.
(٣) الرازي ٢٧ / ٢٥٤.
(٤) سقط من ب بسبب انتقال النظر.
(٥) في ب والرازي : السعادات وهو الأصح انظر تفسير الرازي ٢٧ / ٢٥٤.
(٦) من القراءات الشاذة انظر مختصر ابن خالويه ١٣٧ ، وانظرها بدون عزو في الكشاف ٢ / ٥٠٧.
(٧) مشكل إعراب القرآن ٢ / ٢٩٢.
(٨) نقله صاحب المشكل في إعراب القرآن ٢ / ٢٩٢ أيضا السابق وقال الفراء في المعاني : «أي فعله تفضلا منه» ٣ / ٤٤.
(٩) مشكل إعراب القرآن السابق وانظر في هذه الأوجه كلها السمين ٤ / ٨٢٢.
(١٠) في ب ظهر ماضيا.
(١١) التبيان ١١٤٩.
(١٢) كذا في أوفي ب وهو الموافق لما في التبيان : تفضيلا.
(١٣) زيادة من أ.