سورة الجاثية
مكية (١) وهي سبع وثلاثون آية ، وأربعمائة وثمانون كلمة ، وألفان ومائة وإحدى وتسعون حرفا.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
قوله تعالى : (حم (١) تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (٢) إِنَّ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ (٣) وَفِي خَلْقِكُمْ وَما يَبُثُّ مِنْ دابَّةٍ آياتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (٤) وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَما أَنْزَلَ اللهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ رِزْقٍ فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَتَصْرِيفِ الرِّياحِ آياتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (٥) تِلْكَ آياتُ اللهِ نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللهِ وَآياتِهِ يُؤْمِنُونَ)(٦)
قوله تعالى : (حم. تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ) قد تقدم مثله أول غافر. وقال أبو عبد الله الرازي : العزيز الحكيم إن كانا صفة لله كانا حقيقة ، وإن كانا صفة للكتاب كانا مجازا له (٢).
ورد عليه أبو حيان جعله إياهما صفة للكتاب. قال : إذ لو كان كذلك لوليت الصّفة موصوفها فكان يقال : تنزيل الكتاب العزيز الحكيم من الله. قال : لأن «من الله» إن تعلق «بتنزيل» و «تنزيل» خبر ل «حم» أو لمبتدأ محذوف ، لزم الفصل به بين الصفة والموصوف ، ولا يجوز ، كما لا يجوز : أعجبني ضرب زيد بسوط الفاضل ، أو في موضع الخبر وتنزيل مبتدأ ، فلا يجوز الفصل به أيضا لا يجوز : ضرب زيد شديد الفاضل (٣).
قوله تعالى : (إِنَّ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ) إن كان قوله «حم» قسما «فتنزيل الكتاب» نعت له ، وجواب القسم : (إِنَّ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ)(٤) واعلم أن
__________________
(١) في قول الحسن وجابر وعكرمة. وقال ابن عباس وقتادة إلّا آية هي : «قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ «لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللهِ» ، وانظر القرطبي ١٦ / ١٦٠.
(٢) الرازي ٢٧ / ٢٥٧ و ٢٥٨.
(٣) انظر البحر المحيط ٨ / ٤٢ والدر المصون ٤ / ٨٢٣ والرازي ٢٧ / ٢٥٦.
(٤) والتقدير : وحم الذي هو تنزيل الكتاب إنّ الأمر كذا وكذا. وانظر الرازي ٢٧ / ٢٥٦.