على عادته جملة بين الهمزة والفاء أي ألم تأتكم (١) رسلي فلم تكن آياتي؟ (٢)
فصل
ذكر الله المؤمنين والكافرين ولم يذكر قسما ثالثا ، وهذا يدل على أن مذهب المعتزلة في إثبات منزلة بين المنزلتين باطل ، وفي الآية دليل على أن استحقاق العقوبة ، لا يحصل إلا بعد مجيء الشرع وعلى أن الواجبات لا تجب إلا بالشرع خلافا للمعتزلة في قولهم : إنّ بعض الواجبات قد تجب بالعقل (٣).
قوله : (وَإِذا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ) العامة على كسر الهمزة لأنها محكيّة بالقول. والأعرج وعمرو بن فائد بفتحها (٤). وذلك مخرّج على لغة سليم يجرون القول مجرى الظّنّ مطلقا ومنه قوله :
٤٤٤٧ ـ إذا قلت أنّي آيب أهل بلدة |
|
......... (٥) |
قوله : «والسّاعة» قرأ حمزة بنصبها عطفا على (وَعْدَ اللهِ)(٦) والباقون برفعها ، وفيه ثلاثة أوجه :
الأول : الابتداء ، وما بعدها من الجملة المنفية خبرها (٧).
الثاني : العطف على محل إنّ واسمها معا ، لأن بعضهم كالفارسيّ والزمخشري يرون أن ل «إنّ» واسمها موضعا وهو الرفع بالابتداء (٨).
__________________
(١) في ب يأتكم بالياء.
(٢) الكشاف ٣ / ٥١٣ وقد ردّه أبو حيان كثيرا وتكرارا. انظر البحر ٨ / ٥١.
(٣) الرازي ٢٧ / ٣٧٣.
(٤) قراءة شاذة انظر مختصر ابن خالويه ١٣٨.
(٥) صدر بيت من الطويل للحطيئة في وصف جمل وعجزه :
وضعت بها عنه الولية بالهجر
والولية : ما يوضع فوق ظهر البعير تحت الرجل ، والهجر : نصف النهار عند اشتداد الحر. وآيب راجع. والشاهد فتح الهمزة بعد القول ، فالقول هنا بمعنى الظن على لغة سليم وأن ومعمولاها سدت مسد المفعولين. وانظر التصريح ١ / ٦٢ ، والأشموني ٢ / ٣٨ والدر المصون ٤ / ٨٤١ ، والديوان ٢٢٥.
(٦) السبعة ٥٩٥.
(٧) البيان ٢ / ٣٦٦.
(٨) الدر المصون ٤ / ٨٤٢ وقد قال المبرد في المقتضب : وتقول : إن زيدا منطلق وعمرا ، وإن شئت وعمرو ، وأحد وجهي الرفع ـ وهو الأجود منهما ـ أن تحمله على موضع «إنّ» ، لأن موضعها الابتداء. فإذا قلت : إنّ زيدا منطلق فمعناه زيد منطلق. وانظر المقتضب ٤ / ١١. وهامشه أيضا ٤ / ١١٣.
وقال أبو علي في الحجة ٧ / ١٥٣ : «والرفع الذي هو قراءة الجمهور من وجهين :
أحدهما : أن تقطعه من الأول ، فتعطف جملة على جملة. والآخر أن يكون المعطوف محمولا على موضع إن وما عملت فيه. وموضعها رفع» وانظر الحجة السابق.
وقال الزمخشري في الكشاف : «وبالرفع عطفا على محل إنّ واسمها». الكشاف ٣ / ٥١٣ ، كما ذكر ـ