الدين : تأويلها إما بالمصدرية أو القصر ، كقيم في قيام. وقرأ أبو حيوة أيضا ومجاهد بدع بفتح الباء وكسر الدال ، وهو وصف كحذر (١).
فصل
البدع والبديع من كل شيء المبدأ ، والبدعة ما اخترع ما لم يكن موجودا قبله (٢). قال المفسرون معناه إني لست بأول مرسل ، قد بعث قبلي كثير من الأنبياء فكيف تنكرون نبوّتي؟! وكيف تنكرون إخباري بأني رسول الله؟! وقيل : إنهم طلبوا منه معجزة عظيمة وإخبارا عن الغيوب فقال : (قُلْ ما كُنْتُ بِدْعاً مِنَ الرُّسُلِ) والمعنى أن الإتيان بهذه المعجزات القاهرة والأخبار عن الغيوب ليس في وسع البشر ، وأما جنس الرسل فأنا واحد منهم ، فإذا لم يقدروا على ما تريدونه فيكف أقدر عليه؟! وقيل : إنهم كانوا يعيبونه بأنه يأكل الطعام ويمشي في الأسواق ، وبأنه فقير ، وأن أتباعه فقراء فقال : (قُلْ ما كُنْتُ بِدْعاً مِنَ الرُّسُلِ). وهم كلهم على هذه الصفة (٣) فهذه الأشياء لا تقدح في نبوّتي كما لا تقدح في نبوّتهم (٤).
قوله : (وَما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي) العامة على نيابة المفعول. وابن أبي عبلة وزيد بن علي مبنيا للفاعل (٥) ، أي الله تعالى. والظاهر أن (ما) في قوله : «ما يفعل» استفهامية مرفوعة بالابتداء ، وما بعدها الخبر ، وهي معلقه «لأدري» عن العمل ، فتكون سادّة مسدّ مفعوليها (٦). وجوّز الزمخشري أن تكون موصولة منصوبة (٧) ، يعني أنها متعدية لواحد ، أي لا أعرف الذي يفعله الله.
فصل
في تفسير الآية وجهان :
أحدهما : أن يحمل ذلك على أحوال الدنيا. والثاني : أن يحمل ذلك على أحوال الآخرة. أما الأول ففيه وجوه :
__________________
ـ سوى ، قال المرزوقي في شرح الفصيح : وزادوا عليه دين قيم ، ولحم زيم أي متفرق وماء روى أي كثير انظر المزهر ٢ / ٥٠.
(١) قراءة شاذة نقلها أبو حيان في البحر ٨ / ٥٦.
(٢) اللسان بدع ٢٢٩.
(٣) في ب فكلهم كانوا على هذه السنة.
(٤) الرازي ٢٨ / ٧.
(٥) قراءة شاذة غير متواترة لم ينسبها صاحب الكشاف ٣ / ٥١٧ ونسبها أبو حيان في البحر إلى هذين المذكورين. البحر ٨ / ٥٧.
(٦) البحر المحيط المرجع السابق.
(٧) قال : و «ما» في ما يفعل يجوز أن تكون موصولة منصوبة وأن تكون استفهامية مرفوعة. الكشاف ٣ / ٥١٧.