قوله : (وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ) العامل في «إذ» مقدر أي ظهر عنادهم (١) ، وتسبب عنه (قوله (٢)) «فسيقولون» ولا يعمل في «إذ» فسيقولون ، لتضاد الزمانين ، أعني المضيّ والاستقبال ولأجل الفاء أيضا (٣).
فصل
المعنى وإذ لم يهتدوا بالقرآن كما اهتدى به أهل الإيمان فسيقولون هذا إفك قديم كما قالوا : أساطير الأوّلين (٤).
قوله (تعالى) (٥) : (وَمِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى) العامة على كسر ميم «من» حرف جر ، وهي مع مجرورها خبر مقدم. والجملة حالية ، أو خبر مستأنف وقرأ الكلبي بنصب الكتاب (٦) تقديره : وأنزل من قبله كتاب موسى وقرىء : ومن قبله بفتح الميم كتاب موسى بالنصب ، على أن «من» موصولة ، وهي مفعول أول لآتينا مقدّرا ، و (كِتابُ مُوسى) مفعوله الثاني أي وآتينا الذي قبله كتاب موسى (٧).
قوله : (إِماماً وَرَحْمَةً) حالان من (كِتابُ مُوسى)(٨). وقيل : منصوبان بمقدر أي أنزلناه إماما (٩) ولا حاجة إليه. وعلى كونهما حالين هما منصوبان بما نصب به «من قبل» من الاستقرار. وقال أبو عبيدة (١٠) : فيه إضمار أي جعلناه إماما ورحمة من الله لمن آمن به. ومعنى الآية : ومن قبل القرآن كتاب موسى يعني التوراة إماما يهتدى به ، ورحمة من الله وفي الكلام محذوف تقديره : وتقدمه كتاب موسى إماما ورحمة ولم يهتدوا به كما قال في الآية الأخرى(١١)(وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ).
قوله : (وَهذا كِتابٌ مُصَدِّقٌ) أي القرآن يصدّق الكتب التي قبله ، في أن محمدا رسول من عند الله.
__________________
(١) التبيان ١١٥٤.
(٢) زيادة من ب وانظر الرازي ٢٨ / ١١.
(٣) فلا يعمل ما بعدها فيما قبلها وهو قول أبي حيان في البحر المحيط ٨ / ٥٩ بالمعنى.
(٤) الجامع لأحكام القرآن للإمام القرطبي ١٦ / ١٩٠.
(٥) زيادة من ب.
(٦) البحر المحيط ٨ / ٥٩ وهي شاذة غير متواترة.
(٧) نسبها أبو حيان أيضا إلى الكلبي المرجع السابق ولم ينسبها الزمخشري فجعلها قراءة واحدة الكشاف ٣ / ٥١٩.
(٨) التبيان ١١٥٥.
(٩) البحر المحيط المرجع السابق ولم ينسب هذا الرأي لمعيّن.
(١٠) لم أجده في كتابه مجاز القرآن عند هذه الآية ولعله له في كتاب آخر ولا فرق بينه وبين الذي سبقه من التقدير.
(١١) في ب الأولى.