إلى أربعين سنة (١) ، فذلك قوله : (وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً) وقال السدي والضحاك : نزلت في سعد بن أبي وقاص ، وقد مضت القصّة. وقيل : نزلت في أبي بكر الصديق وأبيه أبي قحافة عثمان بن عمرو ، وأمه أم الخير بنت صخر بن عمرو. وقال علي بن أبي طالب : الآية في أبي بكر الصديق أسلم أبواه جميعا ، ولم يجتمع لأحد من المهاجرين أبواه غيره أوصاه الله بهما ولزم ذلك من بعده ، وكان أبو بكر صحب النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وهو ابن ثماني عشرة سنة ، والنبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ابن عشرين سنة في تجارته إلى الشام فلما بلغ أربعين سنة ، ونبّىء النبيّ ـ صلىاللهعليهوسلم ـ آمن به ودعا ربه فقال : (رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلى والِدَيَّ) بالهداية والإيمان (٢). وأكثر المفسرين على أن الأشد ثلاث وثلاثون سنة (٣).
فصل
قال ابن الخطيب : مراتب سن الحيوان ثلاثة ، لأن بدن الحيوان لا يتكون إلا برطوبة غريزية وحرارة غريزية ، والرطوبة الغريزية زائدة في أول العمر ، وناقصة في آخر العمر والانتقال من الزيادة إلى النقصان لا يعقل حصوله إلا إذا حصل الاستواء في وسط هاتين (٤) المدتين فثبت أن مدة العمر منقسمة إلى ثلاثة أقسام :
فأولها : أن تكون الرطوبة الغريزية زائدة على الحرارة الغريزية ، وحينئذ تكون الأعضاء عظيمة التمدد في ذواتها وزيادتها في الطول والعرض والعمق وهذا هو سن النّشوّ (والانتماء (٥)).
والثانية : وهي المرتبة المتوسطة أن تكون الرطوبة الغريزية وافية بحفظ الحرارة الغريزية من غير زيادة ولا نقصان ، وهذا هو سنّ الوقوف وهو سنّ الشباب.
والمرتبة الثالثة : أن تكون الرطوبة الغريزية ناقصة عن الوفاء بحفظ الحرارة الغريزية. ثم هذا النقصان على قسمين :
فالأول : هو النقصان الخفي وهو سن الكهولة. والثاني : هو النقصان الظاهر وهو سن الشّيخوخة (٦).
قوله : «أربعين» أي تمامها ، «فأربعين» مفعول به. قال المفسرون : لم يبعث نبيّ قطّ إلّا بعد أربعين سنة. قال ابن الخطيب : وهذا يشكل بعيسى ـ عليه الصلاة والسلام ـ فإنه
__________________
(١) الرازي السابق.
(٢) القرطبي السابق.
(٣) وهو اختيار الزجاج في معاني القرآن وإعرابه ٤٤٢. وهو رأي قتادة كما نقله الزمخشري في الكشاف ٣ / ٥٢١.
(٤) في ب هذين.
(٥) زيادة من الرازي.
(٦) الرازي ٢٨ / ١٧.