من سبق إلى الإسلام فهو أفضل ممّن تخلف عنه ولو ساعة. وقال مقاتل : ولكل واحد من الفريقين يعني البارّ بوالديه والعاقّ لهما «درجات» في الإيمان والكفر والطاعة والمعصية (١).
فإن قيل : كيف يجوز إطلاق لفظ الدرجات في أهل النار ، وقد روي : الجنّة درجات والنّار دركات؟
فالجواب من وجوه :
أحدها : أن ذلك على جهة التغليب.
وثانيها : قال ابن زيد : درج أهل الجنة تذهب علوّا ، ودرج أهل النار تذهب هبوطا.
الثالث : المراد بالدرجات المراتب المتزايدة ، فدرجات أهل الجنة في الخيرات والطاعات ودرجات أهل النار في المعاصي والسيئات (٢).
قوله : «وليوفّيهم» معلّلة بمحذوف تقديره جاؤوهم بذلك. وقرأ ابن كثير ، وأبو عمرو ، وعاصم وهشام بالياء من تحت وباقي السبعة بالنون (٣). والسّلميّ بالتاء (٤) من فوق : أسند التّوفية للدرجات مجازا. قوله : (وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) إما استئناف وإما حال مؤكّدة.
قوله تعالى : (وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِها فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ بِما كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِما كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ)(٢٠)
قوله : (وَيَوْمَ يُعْرَضُ) اليوم منصوب بقول مضمر ، أي يقال لهم : أذهبتم في يوم عرضهم (٥). وجعل الزمخشري هذا مثل قولهم : «عرضت النّاقة على الحوض» فيكون قلبا (٦). ورده أبو حيان بأنه ضرورة وأيضا العرض أمر نسبي فتصح نسبته إلى الناقة ، وإلى
__________________
(١) الرازي ٢٨ / ٢٤ والقرطبي ١٦ / ١٩٨.
(٢) الرازي ٢٨ / ٢٤.
(٣) قراءة متواترة ذكرها صاحب الإتحاف ٣٩٢ ، والسبعة ٥٩٨ وباقي السبعة هم نافع وابن عامر وحمزة والكسائي.
(٤) نسبها ابن خالويه في المختصر إلى علي بن أبي طالب وعبد الرحمن بن أبي بكر وهي شاذة وإن كانت جائزة لغة ، ونسبها المؤلف كنسبة أبي حيان في البحر ٨ / ٦٢ بينما أوردها الكشاف قراءة دون عزو الكشاف ٣ / ٥٢٣ ، وقد أشار وقرر بأن هذه الجملة معللة لمحذوف كما تكلم المؤلف أعلى.
(٥) ذكره أبو البقاء في التبيان ١١٥٧.
(٦) الكشاف ٣ / ٥٢٣.