قال ابن عباس ـ (رضي الله عنهما) (١) ـ واد بين عمان ومهرة. وقال مقاتل : كانت منازل عاد باليمن في حضرموت ، بموضع يقال له : مهرة إليها تنسب الإبل المهريّة ، وكانوا أهل عمد سيارة في الربيع فإذا هاج العود رجعوا إلى منازلهم وكانوا من قبيلة إرم ، وقال قتادة : ذكر لنا أن عادا كانوا حيا من اليمن كانوا أهل رمل مشرفين على البحر ، بأرض يقال لها الشّحر (٢).
قوله : (وَقَدْ خَلَتِ) يجوز أن يكون حالا من الفاعل ، أو من المفعول والرابط الواو ، والنّذر جمع نذير ويجوز أن يكون معترضة بين «أنذر» وبين «أن لا (تَعْبُدُوا)(٣) أي أنذرهم بأن لا.
وقوله : (مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ) أي مضت الرسل من قبل هود ومن خلفه أي بعده. (والمعنى (٤) أعلمهم أن الرسل الذين بعثوا قبله والذين يبعثون) بعده كلهم منذرون نحو إنذاره.
فصل
قال المفسرون : إن هودا ـ عليه الصلاة والسلام ـ كان قد أنذرهم وقال : أن لا تعبدوا إلا الله إنّي أخاف عليكم العذاب قالوا جئتنا لتأفكنا «أي لتصرفنا» (٥) عن آلهتنا أي عن عبادتها ، والإفك الصّرف ، يقال : أفكه عن رأيه إذا صرفه عنه. وقيل : المراد لتلفتنا بالكذب (٦). (فَأْتِنا بِما تَعِدُنا) من معاجلة العذاب على الكفر (إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ) في وعدك أن العذاب نازل بنا قال هود : إنّما العلم عند الله وهو يعلم متى يأتيكم العذاب (وَأُبَلِّغُكُمْ ما أُرْسِلْتُ بِهِ) من الوحي والتحذير من العذاب ، فأما العلم بوقته فما أوحاه إليّ (وَلكِنِّي أَراكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ) وهذا يحتمل أن المراد أنكم لا تعلمون أن الرسل لم يبعثوا مقترحين ولا سائلين عن غير ما أذن لهم فيه وإنما بعثوا مبلغين. ويحتمل أن يكون المراد قوما تجهلون من حيث إنكم بقيتم مصرّين على كفركم وجهلكم فيغلب على ظني أنه قرب الوقت الذي ينزل عليكم العذاب بسبب هذا الجهل المفرط والوقاحة التامة. ويحتمل أن يكون المراد قوما تجهلون حيث تصرّون على طلب العذاب وهب أنه لم يظهر لكم كوني صادقا ولكن لم يظهر لكم أيضا كوني كاذبا ، فالإقدام على الطلب الشديد لهذا العذاب جهل عظيم (٧).
__________________
ـ ويروى : قفاف بدل حقاف وهي جمع قفّ وهو ما غلظ من الأرض ولم يبلغ جبلا. والعقنقل : الرمل المنعقد المتلبد. وانظر البيت في شرح الزوزني للمعلقات ١٩ و ٢٠ وأدب الكاتب ٢٧٣ والبحر ٨ / ٥٣ والإنصاف ٤٥٧ ، والمنصف ٣ / ٤١.
(١) زيادة من أ.
(٢) انظر هذه المعاني في الكشاف ٣ / ٥٢٣ والقرطبي ١٦ / ٢٠٣ ، ٢٠٤.
(٣) البحر المحيط ٨ / ٦٤.
(٤) ما بين القوسين سقط من ب بسبب انتقال النظر.
(٥) قاله ابن قتيبة في غريب القرآن ٤٠٥ وأبو عبيدة في المجاز ٢ / ٢١٣.
(٦) الرازي ٢٨ / ٢٧.
(٧) المرجع السابق.