أن يكون نعتا (١) لنكرة وكذلك «ممطرنا» وقع نعتا «لعارض» (٢) ومثله :
٤٤٥٦ ـ يا ربّ غابطنا لو كان يطلبكم |
|
لاقى مباعدة منكم وحرمانا (٣) |
وقد تقدم أن أودية جمع واد ، وأن أفعلة وردت جمعا لفاعل في ألفاظ كواد وأودية وناد وأندية ، وحائز (٤) وأحوزة.
فصل
قال المفسرون : كانت عاد قد حبس عنهم المطر أياما فساق الله إليهم سحابة سوداء فخرجت عليهم من واد لهم يقال له : المغيث ، فلما رأوها استبشروا وقالوا : هذا عارض ممطرنا فقال الله تعالى : (بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ) من العذاب. ثم بين ماهيته فقال : (رِيحٌ فِيها عَذابٌ أَلِيمٌ) ثم وصف تلك الريح فقال : (تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّها) أي تهلك كل شيء من الحيوان والناس بأمر ربها. ومعناه أن هذا ليس من باب تأثيرات الكواكب والقرانات بل هو أمر حدث ابتداء بقدرة الله تعالى لأجل تعذيبكم (٥).
قوله : (بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ) قرىء : «ما استعجلتم» مبنيا للمفعول (٦). وقوله: «ريح» يجوز أن يكون خبر مبتدأ مضمر أي هو ريح ، ويجوز أن يكون بدلا من «هي» (٧) و (فِيها عَذابٌ) صفة ل «ريح» وكذلك «تدمّر» (٨). وقرىء : يدمر كل شيء ، بالياء من تحت مفتوحة ، وسكون الدال ، وضمّ الميم بالرفع على الفاعلية ، أي تهلك كل شيء(٩).
وزيد بن علي كذلك إلا أنه بالتاء من فوق ونصب كل (١٠) والفاعل ضمير الريح ؛ وعلى هذا فيكون (دمر) الثلاثي لازما ومتعديا (١١).
__________________
(١) في ب صفة.
(٢) التبيان ١١٥٧.
(٣) من البسيط لجرير بديوانه ٤٩٢. والشاهد : ربّ غابطنا حيث إن الإضافة هنا في تقدير الانفصال فربّ لا تدخل إلا على نكرات أي رب غابط لنا وقد تقدم.
(٤) كذا وردت في النسختين بحاء مهملة وفي البحر بجيم معجمة قال : «والجائز الخشبة الممتدة في أعلى السقف» ، انظر البحر ٨ / ٦٤ وهذا الجمع شاذ ، لأن قياس فاعل الاسم «فواعل» أو فواعيل وفعلان وفعلان والضم أكثر والصفة يجمع في الغالب على فعلان وقد يكسّر على فعال وفعّل وفعّال وفعلة وفعل وفعلاء ويجيء على فواعل إذا كان وصفا لغير العقلاء» ، بتصرف من شرح الشافية ٢ / ١٥١ ـ ١٥٨.
(٥) الرازي ٢٨ / ٢٨.
(٦) شاذة ذكرها بدون نسبة أبو حيان في البحر ٨ / ٦٤.
(٧) في التبيان : من «ما».
(٨) التبيان ١١٥٧.
(٩) ذكرها أبو حيان في مرجعه السابق دون نسبة أيضا وهي شاذة كما ذكرها الزمخشري في الكشاف ٣ / ٥٢٤.
(١٠) البحر المحيط ٨ / ٦٤ وهي قراءة شاذة كسابقتها.
(١١) وحكمنا على هذا التّعدّي واللّزوم من اختلاف القراءات تلك.