الطعام ، وصلة الأرحام. قال الضحاك : أبطل كيدهم ومكرهم بالنبيّ ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وجعل الدائرة عليهم (١).
قوله : (وَالَّذِينَ آمَنُوا) يجوز فيه الوجهان المتقدمان ، وتقدير الفعل : «رحم الّذين آمنوا».
قوله : (وَآمَنُوا بِما نُزِّلَ عَلى مُحَمَّدٍ) والعامة على بناء الفعل نزل للمفعول مشددا ، وزيد بن علي وابن مقسم نزّل مبنيّا (٢) للفاعل وهو الله ، والأعمش أنزل بهمزة التعدية مبنيا للمفعول (٣). وقرىء : نزل ثلاثيا مبنيا للفاعل (٤). قال سفيان الثوري : لم يخالفوه في شيء. قال ابن عباس : (الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا) مشركو مكّة والذين آمنوا وعملوا الصالحات الأنصار.
قوله : (وَهُوَ الْحَقُّ) جملة معترضة بين المبتدأ والخبر وبين المفسّر والمفسّر.
قوله : (كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بالَهُمْ) حالهم (٥). وتقدم تفسير «البال» في طه(٦). قال ابن عباس ـ (رضي الله عنه ـ) : معنى : أصلح ، أي عصمهم أيّام حياتهم يعني أن هذا الإصلاح يعود إلى صلاح أعمالهم حتّى لا يعصوا.
فصل
قالت المعتزلة : تكفير السيئات مرتّب على الإيمان ، والعمل الصالح ، فمن آمن ولم يعمل صالحا يبقى في العذاب خالدا.
والجواب : لو كان كما ذكرتم لكان الإضلال مرتبا على الكفر والصّد ، فمن يكفر لا ينبغي أن تضل أعماله. أو نقول : إن الله تعالى رتّب أمرين فمن آمن كفر سيئاته ، ومن عمل صالحا أصلح باله. أو نقول : أي مؤمن يتصور غير آت بالصالحات بحيث لا يصدر عنه صلاة ولا صيام ولا صدقة ولا طعام ، وعلى هذا فقوله : «وعملوا» من عطف المسبب على السبب كقول القائل : أكلت كثيرا وشبعت.
فإن قيل : ما الحكمة في قوله : (وَآمَنُوا بِما نُزِّلَ عَلى مُحَمَّدٍ) مع أن قوله : (آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) أفاد هذا المعنى؟.
فالجواب من وجوه :
__________________
(١) القرطبي ١٦ / ٢٢٤.
(٢) من القراءات الشاذة غير المتواترة انظر الكشاف ٣ / ٥٣٠ والبحر ٨ / ٧٣.
(٣) قراءة كسابقتها في الشذوذ وانظر المرجعين السابقين.
(٤) لم ترو أيضا في المتواتر ولم تنسب في كلّ من المرجعين السابقين.
(٥) انظر هذه المعاني في القرطبي ١٦ / ٢٢٤.
(٦) عند قوله : «فَما بالُ الْقُرُونِ الْأُولى» الآية ٥١.