قوله : (لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ) صفة ل «لبن».
قوله : «لذّة» يجوز أن يكون تأنيث «لذّ» ولذّ بمعنى لذيذ ، ولا تأويل على هذا. ويجوز أن يكون مصدرا وصف به (١) ، ففيه التأويلات المشهورة (٢). قال ابن الخطيب : يحتمل أن يقال : ما ثبتت لذّته (٣) يقال : طعام لذّ ولذيذ ، وأطعمة لذّة ولذيذة ، ويحتمل أن يكون ذلك وصفا بنفس المعنى لا بالمشتق منه كما يقال للحكيم : هو حكيم كله ، وللعاقل : هو عاقل كله (٤). والعامة على جرّ «لذّة» صفة لخمر. وقرىء بالنصب على المفعول له وهي تؤيد المصدرية في قراءة العامة. وبالرفع صفة «لأنهار». ولم تجمع ، لأنها مصدر إن قيل به وإلا فلأنها صفة لجمع غير عاقل ، وهو يعامل معاملة المؤنثة الواحدة (٥).
قوله : (مِنْ عَسَلٍ) نقلوا في عسل التذكير والتأنيث ، وجاء القرآن على التذكير في قوله: «مصفّى» ، والعسلان العدو (٦) ، وأكثر استعماله في الذّئب ، يقال : عسل الذّئب والثعلب. وأصله من عسلان الرمح وهو اهتزازه ، فكأن العادي يهزّ أعضاءه ويحركها ، قال الشاعر:
٤٤٧٠ ـ لدن بهزّ الكفّ يعسل متنه |
|
فيه كما عسل الطّريق الثّعلب (٧) |
وكني بالعسيلة عن الجماع ، لما بينهما. قال ـ عليه الصلاة والسلام ـ : «حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك» (٨).
فصل
قال ابن الخطيب : اختار هذه الأنهار من الأنهار الأربعة ؛ لأن المشروب إما أن يشرب لطعمه أو لغير طعمه ، فإن كان للطعم فالمطعوم تسعة : المرّ والمالح ، والحريف ، والحامض ، والعفص (٩) والقابض والتّفه ، والحلو ، والدّسم. وألذها الحلو والدّسم ، لكن أحلى الأشياء العسل فذكره وأما أدسم الأشياء فالدهن لكن الدّسومة إذا تمحّضت (١٠) لا
__________________
(١) انظر التبيان ١١٦٢.
(٢) أي ذات لذة.
(٣) في الرازي : أن يكون تأنيث لذ ....
(٤) الرازي ٢٨ / ٥٥.
(٥) وهو بتوضيح وتفصيل لما في الكشاف للزمخشري ٣ / ٥٣٤.
(٦) في (ب) العدد. وهو تحريف.
(٧) من الكامل لساعدة بن جؤيّة الهذليّ. وشاهده : عسل الطريق. وانظر اللسان عسل ٢٩٤٦ والكتاب ١ / ٣٦ و ٣١٤ والخصائص ٣ / ٣١٩ والمغني ١١ ، ٥٢ وشرح شواهده للسيوطي ١٧ و ٨٨٥ والتصريح ١ / ٣١٢ والهمع ١ / ٢٠٠ ، ٢ / ٨١ والأشموني ٢ / ٩١ ، ٩٧ وقد تقدم.
(٨) من حديث الرسول لامرأة رفاعة القرظي وقد سألته عن زوج تزوجته لترجع به إلى زوجها الأول الذي طلقها. وانظر اللسان السابق.
(٩) هو الطعام البشع.
(١٠) أي خلصت وأصبحت محضة.