المذكورين عن ابن عطية والزمخشريّ وأما إذا لم تجعله خبرا عن «مثل» ففيه أربعة أوجه :
أحدها : أنه خبر مبتدأ محذوف تقديره : حال هؤلاء المتقين كحال من هو خالد (١). وهذا تأويل صحيح. وذكر فيه أبو البقاء الأوجه الباقية فقال : وهو في موضع رفع أي حالهم كحال من هو خالد في النّار (٢).
وقيل : هو استهزاء بهم. وقيل : هو على معنى الاستفهام أي أكمن هو خالد ، وقيل : في موضع نصب أي يشبهون (حال) (٣) من هو خالد في النّار. انتهى (٤).
ومعنى قوله : وقيل : هو استهزاء أي أن الإخبار بقولك : حالهم كحال من (هُوَ خالِدٌ)(٥) على سبيل الاستهزاء والتهكم. قال البغوي : معناه أمن كان في هذا النعيم كمن هو خالد في النار؟.
قوله : «وسقوا» عطف على الصلة عطف فعلية على اسمية ، لكنه راعى في الأول لفظ «من» فأفرد وفي الثانية معناه فجمع (٦). والأمعاء جمع معى ـ بالقصر ـ وهو المصران (٧) التي في البطن. وقد وصف بالجمع في قوله :
٤٤٧١ ـ ......... |
|
... ومعى جياع(٨) |
على إرادة الجنس.
فصل
الماء الحميم هو الشديد الحرّ تسعر عليه النار منذ خلقت إذا أدني منهم شوى وجوههم ، ووقعت فروة رؤوسهم ، فإذا شربوه قطّع أمعاءهم فخرجت من أدبارهم جميع ما في البطن من الحوايا ، واحدها معى.
__________________
(١) في الإقامة الدائمة. وانظر التبيان لأبي البقاء ١١٦٢.
(٢) في التبيان ـ كما سبق الآن ـ في الإقامة الدائمة.
(٣) زيادة عن التّبيان.
(٤) التبيان ١١٦٢.
(٥) زيادة للسياق والإيضاح.
(٦) ذكره أبو حيّان في البحر المحيط بالمعنى منه ٨ / ٧٩.
(٧) جمع مصير كجميل وجملان وكثيب وكثبان.
(٨) بعض بيت من الوافر للقطامي تكملته :
كأنّ نسوع رحلي حين ضمّت |
|
حوالب غرّزا ومعى جياعا |
والنسوع جمع نسع وهو سير يضفر على هيئة أعنّة النعال تشد به الرحال. والغرز جمع غارز والغارز من النوق القليلة اللبن. والقطامي في هذا البيت يصف النوق بقله اللّبن وبجوع المصران وهو مع هذا لم يأت بالمشبه به في بيته هذا ، والشاهد : إقامة الواحد مقام الجمع في قوله : «معى جياعا» وهنا وصف المفرد وهو معى (بالكسر والفتح فكلاهما جائزان) بالجمع وهو جياع والبيت في اللسا معي ٤٢٣٧ وغرز ٣٢٣٩ ، والمذكر والمؤنث للفراء ٧٥ والديوان ق ١٣ / ٦٣ / ٤٥.