فصل
قال المفسرون : قوله : طاعة وقول معروف ابتداء محذوف الخبر ، تقديره طاعة وقول معروف أمثل ، أي لو أطاعوا وقالوا قولا معروفا كان أمثل وأحسن (١). وساغ الابتداء بالنكرة ، لأنها وصفت بدليل قوله : (وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ) فإنه موصوف فكأنه تعالى قال : طاعة مخلصة وقول معروف خير (٢). وقيل : يقول المنافقون قبل نزول السورة المحكمة طاعة رفع على الحكاية أي أمرنا طاعة ، أو منا طاعة وقول معروف : حسن (٣). وقيل : «متّصل». واللام في قوله : «لهم» بمعنى الباء أي فأولى بهم طاعة الله ورسوله وقول معروف بالإجابة ، أي لو أطاعوا الله كانت الطاعة والإجابة أولى بهم (٤). وهذا معنى قول ابن عباس في رواية عطاء.
قوله : (فَإِذا عَزَمَ الْأَمْرُ) في جوابها ثلاثة أوجه :
أحدها : قوله : (فَلَوْ صَدَقُوا) نحو : إذا جاءني طعام فلو جئتني (٥) أطعمتك.
الثاني : أنه محذوف تقديره : فاصدق ، كذا قدره أبو البقاء (٦).
الثالث : أن تقديرنا (٧) ناقضوا (٨). وقيل : تقديره كرهوا ذلك (٩). وعزم الأمر على سبيل الإسناد المجازي كقوله :
٤٤٧٨ ـ قد جدّت الحرب بكم فجدّوا (١٠)
أو يكون على حذف مضاف أي عزم أهل الأمر (١١). قال المفسرون : معناه إذا جدّ الأمر ولزم فرض القتال خالفوا وتخلفوا فلو صدقوا لله في إظهار الإيمان والطاعة لكان
__________________
(١) نقل المؤلف كلام الرازي رغم ما أورده في إعراب كلمة «طاعة». وهذا من العيوب التي يقع فيها كثيرا فهو حريص على نقل الكلام حتى ولو كان مكرّرا.
(٢) وانظر الرازي ٢٨ / ٦٢ ، ٦٣.
(٣) الكشاف ٣ / ٥٣٦ والبحر والرازي السابقين.
(٤) نقله القرطبي في الجامع ١٦ / ٢٤٤ ولم يعيّنه لمعيّن.
(٥) وهو اختيار أبي حيان في البحر ٨ / ٨٢.
(٦) التبيان ١١٦٣.
(٧) كذا في (أ) وفي (ب) تقديره وهو الأصح والأبين وإلّا فمن المقدّر؟!.
(٨ ، ٩) القرطبي ١٦ / ٢٤٤.
(٨ ، ٩) القرطبي ١٦ / ٢٤٤.
(١٠) من الرجز وقبله :
قد شمّرت عن ساقها فشدّوا
وشاهد في الإسناد المجازي حيث شبه الحرب بإنسان عاقل ، وانظر البحر ٨ / ٣١٦ ومجمع البيان ١٠ / ٨.
(١١) التبيان ١١٦٣.