يكون ماضيا كقراءة أبي عمرو سكنت ياؤه تخفيفا (١) وقد مضى منه جملة.
فصل
قال المفسرون : سوّل لهم سهّل لهم. وأملى لهم أي مد لهم في الأمل يعني قالوا : نعيش أياما ثم نؤمن به وهو معنى قوله : (وَأَمْلى لَهُمْ).
فإن قيل : الإملاء والإمهال وحدّ الآجال لا يكون إلا من الله فكيف يصح قراءة من قرأ : وأملى لهم فإن المملي حينئذ هو الشيطان؟.
قال الخطيب : فالجواب من وجهين :
أحدهما : يجوز أن يكون المراد (وَأَمْلى لَهُمْ) الله» فيقف (٢) على : (سَوَّلَ لَهُمْ).
وثانيهما : هو أن المسوّل أيضا ليس هو الشيطان وإنما أسند إليه من حيث إن الله قدر على يده ولسانه ذلك ، فكذلك الشيطان يمسهم (٣) ويقول لهم : في آجالكم فسحة فتمتعوا برئاستكم ثم في آخر العمر تؤمنون (٤).
قوله : (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا) يعني المنافقين (٥) أو اليهود قالوا (لِلَّذِينَ كَرِهُوا ما نَزَّلَ اللهُ) وهم المشركون أي ذلك الإملاء لا بسبب قولهم الذين كرهوا. قاله الواحدي (٦).
وقيل : ذلك إشارة إلى التسويل (٧). ويحتمل أن يقال : ذلك إشارة للارتداد بسبب قولهم: سنطيعكم قاله ابن الخطيب (٨). قال : لأنا نبين أن قوله : «قالوا سنطيعكم في بعض الأمور» هو أنهم قالوا نوافقكم على أن محمدا ليس بمرسل وإنما هو كذاب ولكن لا نوافقكم في إنكار الرسالة والحشر والإشراك بالله من الأصنام ومن لم يؤمن بمحمّد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فهو كافر وإن آمن بغيره. لا بل نؤمن بمحمد ـ عليه الصلاة والسلام ـ ولا نؤمن بالله ولا برسله ولا بالحشر ، لأن الله تعالى كما أخبر عن الحشر وهو جائز أخبر عن نبوّة محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وهي جائزة (٩).
وقال المفسرون : إن اليهود والمنافقين قالوا للذين كرهوا ما نزل الله وهم المشركون سنطيعكم في بعض الأمر في التعاون على عداوة محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ والقعود عن الجهاد. وكانوا يقولونه سرا فقال الله تعالى : (وَاللهُ يَعْلَمُ إِسْرارَهُمْ)(١٠).
__________________
(١) وهذه القراءة شاذة وانظر هذا في البحر لابن حيان ٨ / ٨٣.
(٢) أي القارىء.
(٣) في الرازي : يمليهم ، وهو الأقرب للمعنى المتحدث فيه.
(٤) وانظر تفسير الإمام الفخر الرازي ٢٨ / ٦٦.
(٥) في ب واليهود.
(٦) الرازي المرجع السابق.
(٧) السابق ولم يحدد من قال بهذا.
(٨) الرازي السابق.
(٩) انظر المرجع السابق.
(١٠) القرطبي ١٦ / ٢٥٠.