بها (١). قال «أنس» : فأخفي على رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ بعد نزول هذه الآية شيء من المنافقين كان يعرفهم بسيماهم (٢).
قوله : (وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ) أي في معناه ومقصده. واللحن يقال باعتبارين :
أحدهما : الكناية بالكلام حتى لا يفهمه غير مخاطبك (٣). ومنه قول القتّال الكلابي (رحمهالله) (٤) في حكاية له :
٤٤٨٧ ـ ولقد وحيت(٥)لكيما تفهموا |
|
ولحنت لحنا ليس بالمرتاب (٦) |
وقال آخر :
٤٤٨٨ ـ ومنطق صائب(٧)وتلحن أحيا |
|
نا وخير الحديث ما كان لحنا (٨) |
واللّحن : صرف الكلام من الإعراب إلى الخطأ. وقيل يجمعه هو والأول صرف الكلام عن وجهه. يقال من الأول : لحنت بفتح الحاء ألحن له فأنا لاحن. وألحنت الكلام أفهمته إياه فلحنه ـ بالكسر ـ أي فهمه فهو لاحن (٩). ومنه قول النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «ولعلّ بعضكم أن يكون ألحن (١٠) بحجّته من بعض» (١١).
ويقال من الثاني : لحن بالكسر إذا لم يعرب فهو لحن.
فصل
معنى الآية أنك تعرفهم فيما يعرّضون به من تهجين أمرك وأمر المسلمين والاستهزاء بهم ، فكان بعد هذا لا يتكلم منافق عند النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ إلا عرفه بقوله ويستدل بفحوى كلامه على فساد دخلته. قال ابن الخطيب : معنى الآية أن لن يخرج الله أضغانهم أي
__________________
(١) معاني القرآن ٥ / ١٥.
(٢) القرطبي ١٦ / ٢٥٢.
(٣) القرطبي ١٦ / ٢٥٢.
(٤) زيادة من أ.
(٥) في اللسان : لحنت باللام.
(٦) له من الكامل وشاهده : أن خير الكلام ما عرف بالمعنى ولم يصرح به وانظر اللسان لحن ٤٠١٣ والسراج المنير ٤ / ٣٣ ومجاز القرآن ٢ / ٢٥ لحن والكشاف ٣ / ٥٣٨ وعجزه في الكشاف :
واللّحن يعرفه ذوو الألباب
وانظره في مجمع البيان ٩ / ١٥٩.
(٧) في القرطبي : رائع.
(٨) من الخفيف لمالك بن أسماء الفزاريّ وهو وما قبله في القرطبي ١٦ / ٢٥٢ و ٢٥٣.
والشاهد : أن اللحن معناه الفهم للمخاطب لا لغيره. وانظر مجمع البيان ٩ / ١٥٩ وفتح القدير ٥ / ٤٠ والنوادر لأبي زيد ، واللسان لحن ٤٠١٣.
(٩) اللسان السابق.
(١٠) أي أفطن وأجدل.
(١١) اللسان السابق والقرطبي ١٦ / ٢٥٢.