سورة الفتح
مدنية (١). وهي تسع وعشرون آية ، وخمسمائة وستون كلمة وألفان وأربعمائة وثمانية وثلاثون حرفا.
روى زيد بن أسلم عن ابن عمر عن عمر بن الخطاب أنه كان يسير مع رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ في بعض أسفاره فسأله عمر عن شيء فلم يجبه ثم سأله فلم يجبه ثم سأله فلم يجبه قال عمر : فحركت بعيري حتى تقدمت أمام الناس وخشيت أن يكون نزل فيّ قرآن فما نشبت (٢) أن سمعت صارخا يصرخ بي فجئت رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فسلّمت عليه فقال : لقد أنزلت (٣) عليّ الليلة سورة ليس أحب إليّ مما طلعت عليه الشمس ، ثم قرأ : (إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ) وروى أنس قال : نزلت على النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ إنّا فتحنا لك .. إلى آخر الآية مرجعه (٤) من الحديبية وأصحابه مخالطو الحزن والكآبة فقال : نزلت (٥) عليّ آية هي أحبّ إليّ من الدنيا جميعا فلما تلاها نبيّ الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ قال رجل من القوم : هنيئا مريئا قد بين الله لك ما يفعل بك فماذا يفعل بنا؟ فأنزل الله : (لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) حتى ختم الآية.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
قوله تعالى : (إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً (١) لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِراطاً مُسْتَقِيماً (٢) وَيَنْصُرَكَ اللهُ نَصْراً عَزِيزاً)(٣)
قوله تعالى : (إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً) اختلفوا في هذا الفتح فروى أنس أنه فتح مكة وقال مجاهد : فتح خيبر. والأكثرون على أنه فتح الحديبية ، وقيل : فتح الروم. وقيل : فتح الإسلام بالحجّة والبرهان والسّيف والسّنان. وقيل : الفتح الحكم لقوله
__________________
(١) بإجماع انظر القرطبي ١٦ / ٢٥٩.
(٢) أي ما لبثت وما تعلّقت بشيء.
(٣) في القرطبي وأ هنا أنزلت وفي ب أنزل.
(٤) كذا في الروايات وهي منصوبة على نزع الخافض أي عند مرجعه.
(٥) في ب نزل.