وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً (٤) لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَكانَ ذلِكَ عِنْدَ اللهِ فَوْزاً عَظِيماً (٥) وَيُعَذِّبَ الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكاتِ الظَّانِّينَ بِاللهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَساءَتْ مَصِيراً (٦) وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَكانَ اللهُ عَزِيزاً حَكِيماً)(٧)
قوله تعالى : (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ) لما قال تعالى : (وَيَنْصُرَكَ اللهُ نَصْراً عَزِيزاً) بين وجه النصر ، وذلك أن الله تعالى قد ينصر رسله بصيحة يهلك بها أعداؤهم ، أو رجفة يحكم فيها عليهم بالفناء ، أو بشيء يرسله من السّماء ، أو بصبر وقوة وثبات قلب يرزق المؤمنين ليكون لهم بذلك الثواب الجزيل ، فقال : (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ) أي تحقيقا للنصر. والمراد بالسكينة قيل : السكون ، وقيل : الوقار لله. وقيل : اليقين. قال أكثر المفسرين : هذه السكينة غير السكينة المذكورة في قوله تعالى : (يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ)(١) [البقرة : ٢٤٨]. ويحتمل أن تكون هي تلك ؛ لأن المقصود منها على جميع الوجوه اليقين وثبات القلب.
فصل
قال الله تعالى (في (٢) حق الكفار) (وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ) بلفظ القذف المزعج وقال في حق المؤمنين : (أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ) بلفظ الإنزال المثبت. وفيه معنى حكميّ وهو أن من علم شيئا من قبل ويذكره استدام بذكره ، فإذا وقع لا يتغيّر (٣) ومن كان غافلا عن شيء فيقع رفعه فإنه يرجف فؤاده ، ألا ترى أن من أخبر بوقوع صيحة ، وقيل (له) (٤) لا تنزعج (٥) منها فوقعت الصيحة لا يرتجف (٦) ومن لم يخبر به أو أخبر وغفل عنه يرتجف إذا وقعت. كذلك الكافر أتاه الله من حيث لم يحتسب وقذف في قلبه الرّعب ، فارتجف ، والمؤمن أتي (٧) من حيث كان يذكر فسكن ، فلا تزعج نفوسهم لما يرد عليهم. قال ابن عباس : كل سكينة في القرآن فهي طمأنينة إلّا التي في سورة البقرة (٨).
__________________
(١) وانظر في هذا كله تفسير الإمام الرازي ٢٨ / ٧٩ و ٨٠.
(٢) ما بين القوسين زيادة من ب على أ.
(٣) كذا في الرازي وفي ب يتعين.
(٤) زيادة من أ.
(٥) في ب ينزعج.
(٦) وفيها يرجف.
(٧) في ب : والمؤمن من أوتي وفي الرازي : والمؤمن أتاه وأ والرازي هما الصّحيحان وانظر الرازي ٢٨ / ٨٠.
(٨) الآية ٢٤٨ السابقة.