عَنْكُمْ وَلِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِراطاً مُسْتَقِيماً (٢٠) وَأُخْرى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْها قَدْ أَحاطَ اللهُ بِها وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً (٢١) وَلَوْ قاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبارَ ثُمَّ لا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً(٢٢) سُنَّةَ اللهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلاً)(٢٣)
قوله تعالى : (لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ ...) الآية لما بين حال المخلفين بعد قوله (إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللهَ) عاد إلى بيان حال المبايعين.
قوله : «إذ يبايعونك» منصوب ب «رضي» و (تَحْتَ الشَّجَرَةِ) يجوز أن يكون متعلقا ب «يبايعونك» وأن يتعلق بمحذوف على أنه حال من المفعول.
فصل(١)
المعنى : يبايعونك بالحديبية على أن يناجزوا قريشا ، ولا يفروا. وقوله : (تَحْتَ الشَّجَرَةِ) وكانت سمرة قال سعيد بن المسيب : حدثني أبي أنه كان فيمن بايع رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ تحت الشجرة قال : فلما خرجنا من العام المقبل نسيناها فلم نقدر عليها. وروي أن عمر بن الخطاب مرّ بذلك المكان بعد أن ذهبت الشجرة فقال : أين كانت؟ فجعل بعضهم يقول : ههنا ، وبعضهم ههنا ، فلما كثر اختلافهم قال : سيروا قد ذهبت الشجرة. وروى جابر بن عبد الله قال : قال لنا رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ يوم الحديبية أنتم خير أهل الأرض ، وكنا ألفا وأربعمائة ولو كنت أبصر اليوم لأريتكم مكان الشّجرة. وروى سالم عن جابر عن رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ قال : لا يدخل النار أحد ممّن بايع تحت الشّجرة) (٢).
قوله : (فَعَلِمَ ما فِي قُلُوبِهِمْ) من الصدق والوفاء (فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ) الطمأنينة والرضا «عليهم».
فإن قيل : الفاء للتعقيب وعلم الله قبل الرضا ؛ لأنه علم ما في قلوبهم من الصدق فرضي عنهم فكيف يفهم التعقيب في العلم؟
فالجواب : قال ابن الخطيب : إن قوله تعالى : (فَعَلِمَ ما فِي قُلُوبِهِمْ) متعلق بقوله : (إِذْ يُبايِعُونَكَ) كما تقول : «فرحت أمس إذ كلّمت (٣) زيدا فقام لي ، وإذ دخلت عليه فأكرمني» فيكون الفرح بعد الإكرام مرتبا كذلك ههنا قال تعالى : (لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ ... فَعَلِمَ ما فِي قُلُوبِهِمْ) من الصدق إشارة إلى أن الرضا لا يكون
__________________
(١) هذا الفصل كله ساقط من ب.
(٢) وانظر القرطبي ١٦ / ٢٧٤ ، ٢٧٧ والكشاف ٣ / ٥٤٦ والبحر ٨ / ٩٦.
(٣) كذا في تفسير الرازي وأ وفي ب كلم.