عند المبايعة (حسب (١) بل عند المبايعة) (٢) التي كان معها علم الله بصدقهم. والفاء في قوله (فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ) للتعقيب المذكور ، فإنه ـ تعالى ـ رضي عنهم فأنزل السكينة عليهم. وفي قوله : «فعلم» لبيان وصف المبايعة يكون (ها) (٣) معقبة بالعلم بالصدق الذي في قلوبهم.
قوله : (وَأَثابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً) يعني فتح خيبر. وقوله : (مَغانِمَ كَثِيرَةً) أي وآتاهم مغانم أو أثابهم مغانم. وإنما قدر الخطاب والغيبة لأنه يقرأ : «يأخذونها» بالغيبة ، وهي قراءة العامة ، و «تأخذونها» بالخطاب وهي قراءة الأعمش وطلحة ونافع في رواية سقلاب (٤).
فصل
قيل : المراد بالمغانم الكثيرة مغانم خيبر ، وكانت خيبر ذات عقار وأموال فقسمها رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ بينهم. وقيل : مغانم هجر.
(وَكانَ اللهُ عَزِيزاً) كامل القدرة غنيا عن إعانتكم إياه «حكيما» حيث جعل هلاك أعدائه على أيديكم ليثيبكم عليه ، أو لأن في ذلك كان إعزاز قوم وإذلال لآخرين فقال : يذلّ من يشاء بعزّته ، ويعز من يشاء بحكمته.
قوله : (وَعَدَكُمُ اللهُ مَغانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَها) وهي الفتوح التي تفتح لهم إلى يوم القيامة وليس المغانم كل الثواب ، بل الجنة قدّامهم ، وإنما هي عاجلة عجّل بها لهم ، ولهذا قال : «فعجّل لكم هذه» يعني خيبر (وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ) وذلك أن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ لما قصد خيبر وحاصر أهلها همّ قبائل من أسد ، وغطفان ، أن يغيروا على عيال المسلمين وذراريهم بالمدينة فكف الله أيديهم بإلقاء الرعب في قلوبهم. وقيل : كف أيدي الناس عنكم يعني أهل مكة بالصلح ، وليكون كفهم وسلامتكم آية للمؤمنين على صدقك ، ويعلموا أن الله هو المتولّي حياطتهم وحراستهم في مشهدهم ومغيبهم (٥).
قوله : «ولتكون» يجوز فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : أن يتعلق بفعل مقدر بعده تقديره : ولتكون (فعلك) (٦) فعل ذلك.
الثاني : أنه معطوف على علة محذوفة تقديره : وعد فعجّل وكفّ لينتفعوا وليكون أو لتشكروا ولتكون (٧).
__________________
(١) في الرازي : فحسب.
(٢) ما بين القوسين سقط من ب بسبب انتقال النظر.
(٣) لفظ (ها) زيادة للسياق من الرازي.
(٤) والأنطاكي عن أبي جعفر ورويس عن يعقوب. وهي شاذة. انظر البحر ٨ / ٩٦.
(٥) القرطبي ١٦ / ٢٧٨ و ٢٧٩ والبحر ٨ / ٩٨.
(٦) زائدة من النسخة ب.
(٧) قال بهذين الوجهين أبو حيان في مرجعه السابق. وانظر القرطبي ١٦ / ٢٧٩.