الزمخشري (١). وفي المجرور بعد الواو المذكورة خلاف (٢) مشهور أهو بربّ مضمرة أم بنفس الواو؟ إلا أن أبا حيان قال : ولم تأت «ربّ» جارة في القرآن على كثرة دورها (٣) ، يعني جارة لفظا وإلا تقدر. قيل : إنها جارة تقديرا هنا وفي قوله : (رُبَما) [الحجر : ٢] على قولنا : إنّ ما نكرة موصوفة) (٤).
قوله : (قَدْ أَحاطَ اللهُ بِها) يجوز أن يكون خبرا ل «أخرى» كما تقدم ، أو صفة ثانية إذا قيل بأن أخرى مبتدأ وخبرها (٥) مضمر أو حالا (٦) أيضا.
فصل
قال المفسرون : معناه أي وعدكم فتح بلدة أخرى لم تقدروا عليها قد أحاط الله بها حتى يفتحها لكم كأنه حفظها لكم ، ومنعها من غيركم حتى تأخذوها. قال ابن عباس ـ (رضي الله عنهما) (٧) ـ علم الله أنه يفتحها لكم. قال ابن الخطيب : تقديره : وعدكم الله مغانم تأخذونها ، ومغانم لا تأخذونها أنتم ولا تقدرون عليها ، وإنما يأخذها من يجيء بعدكم من المؤمنين. وهذا تفسير الفراء (٨). قال : معنى قوله : (قَدْ أَحاطَ اللهُ بِها) أي حفظها للمؤمنين ، لا يجري عليها هلاك وفناء إلى أن يأخذها المسلمون كإحاطة الحرّاس بالخزائن (٩).
__________________
(١) المرجع السابق.
(٢) وقد نقل ابن هشام في المغني ٣٦١ أنه يرجح أن تكون الواو التي يجر الكلام بعدها واو عطف قال : والصحيح أنها واو العطف وأن الجر برب محذوفة خلافا للكوفيين والمبرد وحجتهم افتتاح القصائد بها كقول رؤبة :
وقاتم الأعماق خاوي المخترقن
وأجيب بجواز تقدير العطف على شيء في نفس المتكلم. ويوضح كونها عاطفة أن واو العطف لا تدخل عليها كما تدخل على واو القسم قال :
ووالله لولا تمره ما حببته |
|
ولا كان أدنى من عبيد ومشرق |
(٣) بالمعنى من البحر فقد قال : «ولم تأت في القرآن جارة مع كثرة ورود ذلك في كلام العرب فكيف يؤتي بها مضمرة؟» انظر البحر ٨ / ٩٧.
(٤) أي رب شيء هذا. وما بين القوسين كله سقط من نسخة ب.
(٥) في ب وخبره.
(٦) في النسختين حال والأصح ما أثبت أعلى فالمؤلف يقصد أو حالا بالعطف على خبرا لأخرى أي ويجوز أن تكون جملة «قد أحاط» حالية. وانظر الإعراب في التبيان ١١٦٧.
(٧) زيادة من أ.
(٨) في الرازي : وعلى هذا تبين لقول الفراء حسن ، وذلك لأنه فسر قوله تعالى : «قَدْ أَحاطَ». انظر الرازي ٢٨ / ٩٧.
(٩) بالمعنى من الفراء قال : «قَدْ أَحاطَ اللهُ بِها» أحاط لكم بها أن يفتحها لكم. معاني القرآن وإعرابه ٣ / ٦٧.