ومنهم من جوزه ، وروي في ذلك أحاديث (١) منها قوله ـ عليه (الصلاة و) السلام : «الحواميم ديباج القرآن» (٢) ، وقوله ـ عليه الصلاة والسلام ـ : الحواميم سبع وأبواب جهنّم سبع : جهنم والحطمة ولظى والسعير وسقر والهاوية والجحيم فتجيء كل جسم منهن يوم القيامة على باب من هذه الأبواب فتقول لا يدخل النار من كان يؤمن بي ويقرأني (٣). وقوله ـ عليه الصلاة والسلام ـ : لكل شيء ثمرة وثمرة القرآن ذوات حم هن روضات حسان مخصباتمتجاورات فمن أحب أن يرتع في رياض الجنة فليقرأ الحواميم (٤) ، وقوله ـ عليه الصلاة والسلام ـ : الحواميم في القرآن كمثل الحبرات في الثياب (٥). وقال ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ لكل شيء لباب ولباب القرآن الحواميم. فإن صحت هذه الأحاديث فهي الفصل في ذلك.
قوله «تنزيل» إما خبر ل «حم» إن كانت مبتدأ ، وإما خبر لمبتدأ مضمر ، أو مبتدأ وخبره الجار بعده (٦). قال ابن الخطيب : قال «تنزيل» والمراد منه المنزل.
فصل
روى السّدي عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال : حم اسم الله الأعظم ، وروى عكرمة عنه قال : الم وحم ون حروف الرحمن مقطعة ، وقاله سعيد بن جبير. (وقال) عطاء الخراساني : الحاء افتتاح أسمائه حكيم حميد حي حليم حنان ، والميم افتتاح أسمائه ملك مجيد. قال الضحاك والكسائيّ معناه قضى ما هو كائن كأنهما أشارا إلى أن معناه : حمّ ، بضم الحاء وتشديد الميم (٧).
قوله (مِنَ اللهِ) لما ذكر أن حم تنزيل الكتاب وجب بيان أن المنزل من هو؟ فقال : من الله ، ثم بين أن الله تعالى موصوف بصفات الجلالة فقال (الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ).
فبين أنه بقدرته وعلمه نزل القرآن الذي يتضمن المصالح والإعجاز ، ولو لا كونه عزيزا عالما لما صح ذلك.
قوله تعالى : (غافِرِ الذَّنْبِ وَقابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقابِ) في هذه الأوصاف ثلاثة أوجه :
__________________
(١) ومن المجوزين أبو عبيدة وانظر المجاز ٢ / ٩٣ و ١ / ٦ ، ٧ والقرطبي ١٥ / ٢٨٨ واللسان حمم ١٠٠٦ وزاد المسير ٧ / ٢٠٤ ، ٢٠٥.
(٢) أورده السيوطي في الإتقان ٢ / ١٩٦ عن ابن مسعود وانظر فتح القدير ٤ / ٤٧٩ والقرطبي ١٥ / ٢٨٨.
(٣) فتح القدير المرجع السابق عن خليل بن مرة.
(٤) القرطبي السابق بدون سند.
(٥) معاني الزجاج ٤ / ٣٦٥ والمرجع السابق وانظر الدر المنثور ٢٤ / ٢٦٨ ، ٢٦٩.
(٦) ذكر هذه الإعرابات أبو حيان في البحر ٧ / ٤٤٧ والسمين في الدر ٤ / ٦٧٢.
(٧) ذكر هذه الأقوال البغوي والخازن في لباب التأويل ومعالم التنزيل ٦ / ٨٧.