الوقت كقولك : اذكر إذ قام زيد أي اذكر وقت قيامه. وعلى هذا يكون «إذ» ظرفا للفعل المضاف إليه (١).
قوله : (فِي قُلُوبِهِمُ) يجوز أن يتعلق ب «جعل» على أنها بمعنى «ألقى» ، فتتعدى لواحد ؛ أي إذ ألقى الكافرون في قلوبهم الحمية ، وأن يتعلق بمحذوف على أنه مفعول ثان قدم على أنها بمعنى صيّر.
قوله : (حَمِيَّةَ الْجاهِلِيَّةِ) بدل من «الحمية» قبلها ، والحمية الأنفة من الشيء ، وأنشدوا للمتلمس :
٤٤٩٦ ـ ألا إنّني منهم وعرضي عرضهم |
|
كذا الرّأس يحمي أنفه أن يهشّما (٢) |
وهي المنع ، ووزنها فعيلة ، وهي مصدر ، يقال : حميت عن كذا أحميه (حميّة) (٣).
فصل (٤)
المعنى : إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حين صدوا رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وأصحابه عن البيت ، وأنكروا أنّ محمدا رسول الله. قال مقاتل : قال أهل مكة قد قتلوا أبناءنا وإخواننا ثم يدخلون علينا فتتحدث العرب أنهم دخلوا علينا على رغم أنفنا ، واللات والعزّى لا يدخلونها علينا. فهذه حميّة الجاهلية التي دخلت قلوبهم).
قوله : (فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ) حين لم يدخلهم ما دخلهم من الحمية فعصوا الله في قتالهم. قال ابن الخطيب : دخول الفاء في قوله : (فَأَنْزَلَ اللهُ) يدل على تعلق الإنزال أو ترتيبه على ما ذكرنا من أن «إذ» ظرف لفعل مقدر كأنه قال : أحسن الله إذ جعل الّذين كفروا. «فأنزل» تفسير لذلك الإحسان ، كما يقال (٥) : أكرمني فأعطاني لتفسير الإكرام. ويحتمل أن تكون الفاء للدلالة على تعلق إنزال السكينة بجعلهم الحمية في قلوبهم على معنى المقابلة تقول : أكرمني فأثنيت عليه (٦).
(قوله (٧) : (وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى) قال ابن عباس ومجاهد وقتادة والضحاك وعكرمة والسدي وابن زيد وأكثر المفسرين : كلمة التقوى لا إله إلا الله. وروي عن أبي بن كعب مرفوعا. وقال عليّ وابن عمر : كلمة التقوى لا إله إلا الله والله أكبر. وقال عطاء بن أبي رباح : هي لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء
__________________
(١) المرجع السابق.
(٢) من الطويل له ورواه المؤلف كرواية أبي حيان في البحر ٨ / ٩٩ وفي القرطبي : كذي الأنف و «يكشما». والكشم : قطع الأنف باستئصال. وانظر : القرطبي ١٦ / ٢٨٨ وشاهده واضح.
(٣) نقله القرطبي في الجامع ١٦ / ٢٨٨.
(٤) ما بين القوسين كله سقط من ب.
(٥) في ب قال وما هكذا في الرازي.
(٦) الرازي ٢٨ / ١٠٢.
(٧) ما بين القوسين أيضا كله سقط من نسخة ب.