(قاله الزمخشري (١). وعلى تقديره قسما إما أن يكون قسما بالله فإن الحقّ من أسمائه ، وإما أن يكون قسما بالحق الذي هو نقيض الباطل.
وقال ابن الخطيب (٢) : ويحتمل وجهين آخرين :
أحدهما : فيه تقديم وتأخير تقديره صدق الله (و (٣)) رسوله الرؤيا بالحق الرؤيا أي الرسول الذي هو رسول بالحق.
الثاني : أن يقال تقديره صدق الله (و (٤)) رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن فيكون تفسيرا للرؤيا بالحق يعني أن الرؤيا هي والله لتدخلنّ (٥).
فصل
ذكر المفسرون أن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ رأى في المنام قبل أن يخرج إلى الحديبية أنه يدخل هو وأصحابه المسجد الحرام ويحلقون رؤوسهم ويقصّرون ، فأخبر أصحابه ففرحوا ، وحسبوا أنهم دخلوا مكة عامهم ذلك فلما انصرفوا ولم يدخلوا شقّ عليهم ذلك فأنزل الله هذه الآية. وروى مجمّع بن جارية الأنصاريّ قال : شهدنا الحديبية مع رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فلما انصرفنا عنها إذ النّاس يهزّون الأباعر فقال بعضهم : ما بال الناس؟ قالوا : أوحي إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم. قال : فخرجنا نزحف فوجدنا النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ واقفا على راحلته على كراع الغميم ، فلما اجتمع الناس قرأ : (إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً) فقال عمر : أو فتح هو يا رسول الله؟ قال : نعم والذي نفسي بيده. ففيه دليل على أن المراد من الفتح صلح الحديبية وتحقيق الرؤيا كان في العام المقبل فقال تعالى : (لَقَدْ صَدَقَ اللهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِ) أراها إياه في مخرجه إلى الحديبية أنه يدخل هو وأصحابه المسجد الحرام صدق وحق) (٦).
قوله : «لتدخلنّ» جواب قسم مضمر أو لقوله «بالحقّ» على ذلك القول. وقال أبو البقاء : و «لتدخلنّ» تفسير الرؤيا أو مستأنف أي والله (٧) لتدخلن ، فجعل كونه جواب قسم قسما تفسيرا للرؤيا. وهذا لا يصح البتة وهو أن يكون تفسيرا للرؤيا غير جواب القسم ، إلا أن يريد أنه جواب قسم ولكنه يجوز أن يكون هو مع القسم تفسيرا وأن يكون مستأنفا غير تفسير ، وهو تفسير من عبارته.
قوله : (إِنْ شاءَ اللهُ) فيه وجوه :
__________________
(١) الكشاف ٣ / ٥٤٩.
(٢) الرازي ٢٨ / ١٠٤ و ١٠٥.
(٣) الواو زيادة على الرازي.
(٤) كذلك.
(٥) تفسيره الكبير ٢٨ / ١٠٤ و ١٠٥ بالمعنى.
(٦) ما بين القوسين كله سقط من نسخة ب وقد ذكر العلامة البغوي في معالم التنزيل ٦ / ٢١٣ هذه الآثار والأول العلامة القرطبي في جامعه ١٦ / ٢٨٩ و ٢٩٠ عن قتادة.
(٧) التبيان ١١٦٨.