أظهرهما : أنه مستأنف (١).
والثاني : أنه خبر للموصول كما تقدم.
قوله : «قلب متكبّر» قرأ أبو عمرو ، وابن ذكوان بتنوين «قلب» (٢) ، وصف القلب بالتكبر والجبروت لأنهما ناشئان منه ، وإن كان المراد الجملة ، كما وصف بالإثم في قوله : (فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ) [البقرة : ٢٨٣] وفي قوله : (إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ) قال ابن الخطيب : «وأيضا قال قوم : الإنسان الحقيقي هو القلب» (٣) والباقون بإضافة «قلب» إلى ما بعده ، أي كلّ قلب شخص متكبر. قال أبو عبيد : الاختيار الإضافة ، لوجوه :
الأول : أن عبد الله قرأ : «على قلب كل متكبر» (٤) وهو شاهد لهذه القراءة.
الثاني : أن وصف الإنسان بالتكبر والجبروت أولى من وصف القلب بهما (٥). وقد قدر الزمخشري مضافا في القراءة الأولى ، أي على كلّ ذي قلب متكبر ، فجعل الصفة لصاحب (٦) القلب. قال أبو حيان : «ولا ضرورة تدعو إلى (٧) اعتقاد الحذف». قال شهاب الدين : بل ثمّ ضرورة إلى ذلك ، وهو توافق القراءتين واحدا وهو صاحب القلب بخلاف عدم التقدير ، فإنه يصير الموصوف في إحداهما القلب وفي الأخرى صاحبه (٨).
فصل
قال الزّجّاج : قوله : «الذين» تفسير ل «المسرف المرتاب» ، يعني (٩) هم الذين يجادلون في آيات الله أي في إبطالها بالتكذيب (بِغَيْرِ سُلْطانٍ) حجة ، «أتاهم» ، (كَبُرَ مَقْتاً) أي كبر ذلك الجدال مقتا عند الله وعند الذين آمنوا. ودلت الآية على أنه يجوز وصف الله تعالى بأنه قد مقت بعض عباده ، إلا أنها صفة التأويل في حق الله ، كالغضب ، والحياء ، والعجب.
ثم بين أن هذا المقت كما حصل عند الله فكذلك حصل عند الذين آمنوا ، قال القاضي : مقت الله إياهم يدل على أن كل فعل ليس بخلق الله لا أنّ كونه فاعلا للفعل ، وما قاله محال(١٠).
__________________
(١) قال بهذا الإمام الزمخشري في الكشاف ٣ / ٤٢٧ قال : «ويطبع الله كلام مستأنف».
(٢) من القراءة المتواترة ذكرها صاحب السبعة ٥٧٠ ، والإتحاف ٣٧٨ والنشر ٢ / ٣٦٥.
(٣) كذا في تفسيره ، وفي النسختين جزء القلب وانظر تفسيره ٢٧ / ٦٣.
(٤) المختصر لابن خالويه ١٣٣.
(٥) لم أعثر على رأي أبي عبيد بعلّته هذه.
(٦) قال : ويجوز أن يكون على حذف المضاف ، أي على كل ذي قلب متكبر تجعل الصفة لصاحب القلب. الكشاف ٣ / ٤٢٧ و ٤٢٨.
(٧) البحر ٧ / ٤٦٥.
(٨) الدر المصون ٤ / ٦٩٦.
(٩) قال : «ويجوز أن يكون موضع الذين رفعا على معنى من هو مسرف مرتاب هم الذين يجادلون» معاني القرآن وإعرابه ٤ / ٣٧٤.
(١٠) انظر تفسير الإمام الفخر الرازي ٢٧ / ٦٣.