بالتقوى أي ليرزقهم الله التقوى (١) ، ثم قال : (لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ) وقد تقدم الكلام على ذلك.
قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ (٤) وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)(٥)
قوله (تعالى) (٢) : (إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ) هذا بيان لحال من كان في (مقابلة (٣) من تقدم ، فإن الأول غضّ صوته ، والآخر رفعه ، وفيه إشارة إلى ترك الأدب من وجوه :)
أحدها : النداء ، فإن نداء الرجل الكبير قبيح بل الأدب الحضور بين يديه وعرض الحاجة إليه.
الثاني : النداء من وراء الحجرات ، فإن من ينادي غيره ولا حائل بينهما لا يكلفه المشي والمجيء بل يجيئه من مكانه ويكلمه ومن ينادي غيره مع الحائل يريد منه حضوره.
الثالث : قوله : «الحجرات» يدل على كون (٤) النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ في خلوته التي لا يمكن(٥) إتيان المحتاج إليه في حاجته (في) (٦) ذلك الوقت بل الأحسن التأخير وإن كان في ورطة الحاجة(٧).
قوله : «من وراء» «من» لابتداء الغاية. وفي كلام الزمخشري ما يمنع أن «من» (٨) يكون لابتداء الغاية وانتهائها قال : لأن الشيء الواحد لا يكون مبدأ للفعل ومنتهى له. وهذا الذي أثبته بعض الناس وزعم أنها تدل على ابتداء الفعل وانتهائه في جهة واحدة نحو : أخذت الدّرهم من الكيس (٩).
والعامة على الحجرات ـ بضمتين ـ وأبو جعفر وشيبة بفتحها (١٠). وابن أبي عبلة
__________________
(١) بالمعنى من الرازي ٢٨ / ١١٥. فالمغفرة إزالة السيئات التي هي في الدنيا لازمة للنفس ، والأجر العظيم إشارة إلى الحياة التي هي بعد مفارقة الدنيا عن النفس فيزيل الله عنه القبائح البهيمية ويلبسه المحاسن الملكية. انظر الرازي المرجع السابق.
(٢) زيادة من أالأصل.
(٣) ما بين القوسين كله سقط من ب.
(٤) كذا في النسختين وفي الرازي المصدر السابق : قول وليس كون.
(٥) في ب والرازي : التي لا يحسن.
(٦) زيادة للسياق.
(٧) قاله الرازي الإمام في تفسيره ٢٨ / ١١٦.
(٨) في ب أن يكون من ، بتقديم وتأخير والمعنى واحد.
(٩) بالمعنى من الكشاف ٣ / ٥٥٨.
(١٠) أي الجيم. وانظر الإتحاف ٣٩٧ وتقريب النشر ١٧٥ وهي عشرية.