(جعلاها ناقصة) (١). وهي لغة تميم وقراءة العامة لغة الحجاز.
قوله : (وَلا نِساءٌ مِنْ نِساءٍ عَسى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ) روي أنها نزلت في نساء النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ عيرت أم سلمة بالقصر ، وروى عكرمة عن ابن عباس أيضا : نزلت في صفيّة بنت حييّ بن أخطب قال لها النساء : يهودية بنت يهوديّين (٢).
قوله : (وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ) أي لا يعب بعضكم على بعض (٣). قرأ الحسن والأعرج : ولا تلمزوا بالضّمّ (٤) واللّمز بالقول وغيره (٥) والغمز باللسان فقط (٦).
قوله : (وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ) التنابز تفاعل من النّبز وهو التداعي بالنّبز والنّزب ، وهو مقلوب منه لقلة هذا ، وكثرة ذاك. ويقال : تنابزوا وتنازبوا إذا دعا بعضهم بعضا بلقب سوء. وأصله من الرفع كأنّ النّبز يرفع صاحبه فيشاهد. واللّقب : ما أشعر بضعة المسمّى كقفّة وبطّة أو رفعته (٧) كالصّدّيق وعتيق والفاروق ، وأسد الله ، وأسد رسوله وله مع الكنية والاسم إذا اجتمعن أحكام كثيرة مذكورة في كتب النحو.
وأصل : تنابزوا تتنابزوا أسقطت إحدى التاءين كما أسقط من الاستفهام إحدى الهمزتين فقال : (سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ) [البقرة : ٨] والحذف ههنا أولى ؛ لأن تاء الخطاب وتاء التفاعل حرفان من جنس واحد في كلمة وهمزة الاستفهام كلمة برأسها و «أنذرتهم» أخرى ، واحتمال حرفين في كلمتين أسهل من احتماله في كلمة واحدة (٨).
فصل
ذكر في الآية أمورا ثلاثة مرتبة بعضها دون بعض ، وهي السّخرية واللّمز والنّبز. والسّخرية الاحتقار والاستصغار ، واللمز ذكر الرجل في غيبته بعيب. وهذا دون الأول ، لأنه لم يلتفت إليه وإنما جعله مثل المسخرة الذي لا يغضب له ولا عليه ، وهذا جعل فيه شيئا ما فعابه به. والنّبز دون الثاني لأنه يصفه بوصف ثابت فيه نقصه (٩) به ، ويحط منزلته والنّبز مجرد (١٠) التسمية وإن لم يكن فيه لأن اللقب الحسن والاسم المستحسن
__________________
(١) ما بين القوسين ساقط من ب.
(٢) البغوي والخازن السابقين.
(٣) المرجع السابق.
(٤) ذكرها صاحب الإتحاف ٣٩٧ وهي قراءة عشرية. انظر تقريب النشر ١٧٥.
(٥) اللسان لمز ٤٠٧٢.
(٦) قال في اللّسان «غمز» : الغمز الإشارة بالعين والحاجب والجفن.
(٧) ذكره صاحب اللسان «نبز» ٤٣٢٤.
(٨) ولهذا وجب الإدغام في قولنا : مدّ ولم يجب في قولنا : امدد وفي قولنا : مرّ ، دون قوله : أمر ربّنا.
انظر الرازي ٢٨ / ١٣٣.
(٩) في الرازي : لأن في هذه المرتبة يضيف إليه وصفا ثابتا فيه يوجب بغضه وحطّ منزلته.
(١٠) كذا في الرازي وفي ب محمود.