ـ بضم الكاف وتشديد الراء (١) ـ عدي بالتضعيف إلى ثان (٢) بخلاف قوله أولا : (كَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ) فإنه وإن كان مضعّفا لم يتعدّ لواحد لتضمنه معنى بغّض (٣).
فصل
قال ابن الخطيب : الضمير في قوله : (فَكَرِهْتُمُوهُ) فيه وجوه :
أظهرها : أن يعود إلى الآكل لأن قوله تعالى : (أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ) معناه أيحب أحدكم الأكل لأن «أن» مع الفعل للمصدر أي فكرهتم الأكل (٤).
وثانيها : أن يعود إلى اللحم أي فكرهتم اللّحم.
وثالثها : أن يعود إلى الميّت في قوله : «ميتا» تقديره : أيحبّ أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا متغيرا فكرهتموه فكأنه صفة لقوله : «ميتا» ويكون فيه زيادة مبالغة في التحذير يعني الميتة أن أكلت في النّدرة لسبب (٥) كان نادرا ولكن إذا أنتن وأروح وتغير لا يؤكل أصلا فكذلك ينبغي أن يكون الغيبة ، وذلك يحقّق الكراهة ويوجب النّفرة إلى حد لا يشتهي الإنسان أن يبيت في بيت فيه ميت فكيف يقربه بحيث يأكله ففيه إذن كراهة شديدة فكذلك حال الغيبة (٦).
فصل
قال مجاهد : لما قيل لهم : أيحبّ أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا؟ قالوا : لا ، قيل : (فَكَرِهْتُمُوهُ) أي كما كرهتم هذا فاجتنبوا ذكره بالسوء غائبا (٧). قال الزجاج : تأويله إن ذكرك من لم يحضرك بسوء بمنزلة أكل لحمه وهو ميت لا يحسّ بذلك (٨).
قال ـ عليه الصلاة والسلام ـ : لمّا عرج بي مررت بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون وجوههم ولحومهم فقلت : من هؤلاء يا جبريل؟ قال : هؤلاء الذين يأكلون لحوم النّاس ويقعون في أعراضهم (٩).
__________________
(١) قال في البحر : ورواها الخدري عن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وهي قراءة الخدري أيضا وانظر مختصر ابن خالويه ١٤٣ ، ١٤٤.
(٢) وهو الهاء.
(٣) بالمعنى من كتاب البحر لأبي حيان ٨ / ١١٥.
(٤) رسمت في النسختين : كرهتموا أكل. وانظر الرازي ٢٨ / ١٣٥ كما كتبت أعلى.
(٥) في النسختين : وتستطاب.
(٦) الرازي في تفسيره الكبير المرجع السابق.
(٧) نقله العلامة البغوي في معالم التنزيل ٦ / ٢٢٩ وكذلك الخازن في لباب التأويل نفس الجزء والصفحة.
(٨) قال : فتأويله كما تكرهون أكل لحمه ميتا كذلك تجنبوا ذكره بالسوء غائبا.
(٩) رواه أنس بن مالك عن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ انظر البغوي والخازن السابقين.